«مقص الرقيب» يضع التلفزيون بين مطرقة المشاهد وسندان السياسة
''مقص الرقيب'' عبارة طالما تم استخدامها للتعبير عن الممنوع السياسي أو الاجتماعي أو الفني الذي لا يجاز بثه في وسائل الإعلام عامة، لكنه يبرز بشكل لافت في البث التلفزيوني.
ويتفق المهنيون على أن مقص الرقيب هو من صنع تراكمات يختلط فيها ما هو من صميم ثقافة المجتمع مرورا بتوجهات المؤسسات وليس انتهاء بنصوص القوانين والأنظمة المسيرة لآلية عمل القنوات التلفزيونية.
وأخيرا برزت على السطح الإعلامي وتحديدا في الجانب التلفزيوني اتجاهات نحو مستجدات رقابية تمنع في جانب منها عرض بعض المواد التلفزيونية وتعيد في جانبها الآخر تنظيم آلية ظهور بعض المواضيع أو اللقطات.
وفي هذا السياق نتناول قضيتين الأولى نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية وهي أن سلطات غينيا الاستوائية تمنع عرض مشاهد من الأزمة المالية العالمية و الأحداث السورية على القنوات التلفزيونية الوطنية.
وأكدت لجنة حماية الصحافيين في بيان أن رقابة الحكومة امتدت لتشمل أي اضطراب سياسي في الخارج''
وأوضح أن هيئة الإذاعة والتلفزيون الوطنية ''تدير الشبكة التلفزيونية الوحيدة في البلاد إلا أن أي ذكر للانقلاب (في مالي) لم يرد على التلفزيون''. وأوضح الصحافي في مجلة إيبانو نصف الشهرية المؤيدة للحكومة لينو نغويما اوندو أن التلفزيون الحكومي ''ممنوع من بث معلومات واردة من سورية أو اليمن.
وأضاف ''النظام يمنع المعلومات ذات الطابع المطلبي التي قد تثير حالات من اللااستقرار. ويمنع على موظفي وزارة الإعلام التحدث عما قد يثير اضطرابات في البلاد''. أما القضية الثانية التي أثارت موضوع مقص الرقيب فهي نية بعض التيارات الإسلامية في مصر، التدخل لحذف أي مشاهد يعتبرونها ''مخلة بالآداب'' بالأفلام المصرية القديمة، إلى إثارة المخاوف من إعمال ''مقص الرقيب الإسلامي،'' في أفلام لكبار الفنانين في مصر والعالم العربي. وقالت وسائل إعلام عربية إن الرقابة المصرية، بدأت في حذف مشاهد من آخر أفلام الفنان الراحل عبد الحليم حافظ ''أبي فوق الشجرة،'' حيث تضمن مشاهد تحتوي على ''قبلات كثيفة'' مع البطلتين نادية لطفي وميرفت أمين. وعلق الممثل سامح الصريطي وكيل أول نقابة المهن التمثيلية على تلك الأنباء قائلا : ''لا يحق لأحد حذف أي مشاهد في الأفلام المصرية القديمة أو حتى الحديثة سوى الرقابة على المصنفات الفنية، أو مالكي تلك الأفلام فقط،'' متسائلا :''بأي صفة تصنف بعض التيارات الإسلامية مشاهد من السينما بأنها مخلة بالآداب أو استطاعتها التدخل لحذف مشاهد خاصة؟''
وأضاف الصريطى في تصريح لـCNN بالعربية، أن النقابة ''لن تتحرك في أي اتجاه إلا إذا كانت هناك تهديدات جادة تجاه حرية الفن والإبداع، إذ إن ما يتردد في هذا الإطار لا يخرج عن كونه أنباء لا ترقى إلى مستوى الحدث الرسمي''.
وأوضح أن النقابة ''لا يمكنها أن تبني مواقف لمجرد افتراض البعض لأشياء غير منطقية أو قرارات عشوائية،'' مستبعدا استطاعتهم الإقدام على هذه الخطوة، ومشددا على أن النقابة ستقوم بالتحرك ضد من يحاول الاعتداء على حرية الإبداع والفنان''. من ناحية أخرى قال صابر أبو الفتوح عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إن الجماعة ليس لها علاقة على الإطلاق، بما يتردد عن سعيها لحذف مشاهد من الأفلام المصرية القديمة، كما لا تسعى إلى إصدار تشريع في هذا الإطار. وأضاف أنه سمع عن تلك الأنباء في بعض المواقع الإلكترونية دون أن يذكر فيها اسم ''الإخوان''، لافتا إلى أن كل ما طلبه بعض نواب الإخوان في مجلس الشعب، هو إغلاق المواقع الإباحية وحتى هذه اللحظة لا توجد استجابة، أما فيما يتعلق بالأفلام والمسلسلات التليفزيونية ''فليس لنا أي علاقة بها''.
وأشار إلى أن ''جماعة الإخوان المسلمين تقدر الفن والحرية، حيث ستقدم الجماعة سينما جديدة متنوعة وليست دينية، تناقش كافة قضايا المجتمع والمواطنين وحدهم سيميزون بينها وغيرها من الأعمال. ''ويخشى فنانون وسينمائيون في مصر على حرية الفن والإبداع في البلاد، بعد صعود الإسلاميين إلى الحكم وسيطرتهم على المجالس النيابية، إذ يحاكم الفنان عادل إمام بتهمة ازدراء الأديان للسخرية من اللحية والجلباب في أفلامه، في قضية رفعها ضده عدد من الإسلاميين المنتمين إلى التيار السلفي.
كما شن عضو مجلس الشعب السلفي المحامى ممدوح إسماعيل صاحب الواقعة الشهير بالأذان في البرلمان، هجوما حادا على المخرج خالد يوسف في أحد البرامج الفضائية ذات الجماهيرية الكبيرة في مصر، عندما وصف أفلامه بأنها ''تثير الشهوات بسبب مشاهد العري، وتهدف لهدم المجتمع، وتروج لمشاهد السحاق والفاحشة''.