دراسة أمريكية تصف نمو الطفل وعلاقته بالتلفزيون
قدمت دراسة نشرتها مجلة طب الأطفال الأمريكية وأجراها روبرت سيج ووليام ديتز Robert Sege & William Dietz حول تأثير مشاهدة العنف التلفزيوني على الأطفال، قدمت توصيفاً لنمو الطفل وعلاقته بمشاهدة التلفزيون.
وقد رأى الباحثان أن الطفل يكون في سنوات طفولته الأولى حساساً ومنفتحاً لأي حافز في بيئته، بحيث يسمح ذلك فيما بعد لنضج حواسه، ولكنه غير قادر على تنقيتها كما يفعل الكبار، وأي انطباعات حسية يختبرها الطفل فإنها ستنبني في أنظمة حواسه؛ فترك الرضيع لينام أمام التلفزيون ليشاهد الصور المتدفقة عبر الشاشة الإلكترونية فإنها ستنفذ إلى أعماقه. ومن المهم أن يتعلم الرضيع والطفل كيف يستخدم حاسة البصر، وكيف يتفوه الكلمات، وذلك بالتفاعل مع استجابات الناس من حوله، وهذا ما لا يحققه التلفزيون.
ويرى بعض خبراء النمو النفسي أن ما يتعلمه الطفل في سنواته الثلاث الأولى يفوق ما يتعلمه في باقي حياته. ففي هذه السنوات يتعلم الطفل كيف يمشي، وكيف يتكلم، وكيف يفكر، وهي إنجازات لا تتحقق دون التفاعل مع الآخرين. وفي هذه المرحلة فإن حرمان الطفل الحسي والعاطفي والبدني سيعيق الطفل، بينما ستقود الحوافز الزائدة إلى طفل قلق غير راض وعصبي، ومن ثم يجب حماية الطفل من مشاهدة التلفزيون التي تشكل اعتداء على حواسه.
وخلال مرحلة ما قبل المدرسة (3 - 6 سنوات) فإن عمل الطفل هو اللعب، الذي من خلاله ينمو الدماغ ويتشكل العقل بناء على استجاباته للتجربة، ويحتاج الأطفال في هذه المرحلة إلى الحكايات والأغاني وقراءة القصص له والألعاب والموسيقى والرقص، وجميع هذه الأنشطة تسهم في تكوين علاقات بينه وبين الناس والبيئة من حوله. إن الرغبات الطبيعية والمهمة الضرورية للطفولة هي اللعب والاستكشاف، وذلك كي ينشغل بفاعلية عملياً وتخييلياً.
ويحتاج اللعب في هذه المرحلة إلى العديد من المتطلبات والمكافآت للتركيز والمثابرة وحل المشكلات. ولا يستطيع التلفزيون تقديم مثل هذه الفرص الذهبية من الاستكشاف الفعال للواقع والخيال، وكذلك لا يحتاج التلفزيون من الأطفال إلى التركيز أو الانتباه أو الاندماج.
أما الأطفال في المرحلة الابتدائية (من 7 - 12 سنة) فإنهم يتعلمون من خلال العمل الابتكاري المشترك بعضهم مع بعض؛ فهم يرسمون خريطة المشاعر وذلك بمساعدة استكشاف تخييلي. وهذه الحياة التخييلية في هذه المرحلة حيوية، وهناك حاجة كبيرة إلى القصص والصور؛ ولذا فإن إغراءات إمكانات التلفزيون الإبداعية يمكن الاستعاضة عنها من خلال تشجيع حكاية القصص والتمثيل والرسم والموسيقى والحرف اليدوية والألعاب.
وفي هذه المرحلة يطور الأطفال مهارات القراءة والكتابة والعلاقات الاجتماعية وقضاء الوقت بشكل بناء وهذه الأنشطة يجب ألا يزاحمها التلفزيون. وعند نحو الـ 12 من عمر الطفل ينضج دماغ الطفل وحواسه إلى درجة محددة، بحيث إن مشاهدة التلفزيون لن تكون محددة لشخصيته مثلما هي في المراحل الأكبر من عمره. وفي هذه المرحلة يكتمل النمو البيو ـ كيميائي، ويتم تمييز شطري الدماغ الأيسر والأيمن. ويبدأ الأطفال مرحلة المراهقة، حيث يكونون قد طوروا مهارات القراءة وكونوا هواياتهم وطرق تمضية الوقت وكونوا علاقاتهم الاجتماعية التي تشكل بدائل لمشاهدة التلفزيون.