بطاقات الائتمان.. والحد الفاصل بين الإيجابيات والسلبيات

انتشرت في وقتنا الحاضر ظاهرة استخدام البطاقات الائتمانية على مستوى العالم، لما تقدمه من تسهيلات مالية وائتمانية عظيمة وجليلة لحامليها، تمكنهم من التسوق وتسوية قيمة مدفوعاتهم ومشترياتهم دون الحاجة إلى حمل النقود وتعريض أنفسهم للمخاطر، التي عادة ما تصاحب حمل النقود مثل السرقة أو الضياع.
وما ساعد على انتشار استخدام البطاقات الائتمانية على مستوى العالم، إمكانية استخدامها في أكثر من 25 مليون محل تجاري وخدمي، مما وفر لحامليها سهولة ومرونة كبيرة في دفع قيمة مشترياتهم باستخدام بطاقاتهم الائتمانية، ولا سيما أنها تمكنهم من الشراء عبر مواقع التسوق الإلكتروني المنتشرة على مستوى العالم، وتسوية قيمة مدفوعاتهم المالية في أسرع وقت ممكن.
وما ساعد أيضاً على انتشار استخدام البطاقات الائتمانية عالمياً، كونها أصبحت وسيلة وأداة مهمة لحجز الخدمات على مستوى العالم، مثل حجز الغرف الفندقية والرحلات الجوية ودفع قيمتها في الحال، لضمان الحصول على حجز الفندق المطلوب أو الرحلة الجوية المطلوبة.
بالرغم من الإيجابيات والمزايا والفوائد العديدة التي توفرها البطاقات الائتمانية لحامليها، إلا أنها لا تكاد تخلو من المخاطر والسلبيات، وبالذات في قدرتها على جذب حامليها ودفعهم إلى الشراء والاستهلاك غير المبرر أحياناً، ولا سيما أنها أداة ووسيلة مرنة للغاية لتسهيل عمليات الشراء والصرف، وبالذات أن حامل البطاقة غير مطالب بدفع قيمة المشتريات في الحال كما هو واقع الحال بالنسبة للمشتريات النقدية.
لهذا السبب أوقعت البطاقات الائتمانية عدداً لا بأس به من حامليها على مستوى العالم في مشكلات مالية لا حصر لها، وبالذات من الذين لا يحسنون التصرف وليس لديهم القدرة على التخطيط المالي السليم، الذي يوازن بين الحاجات والمتطلبات الفعلية والضرورية، وبين دواعي الوجاهة والتفاخر والترف في الصرف.
من هذا المنطلق ولكي تصبح البطاقات الائتمانية نعمة لا نقمة على حامليها، يجب عليهم وكما هو واقع الحال بالنسبة للقروض، تقنين استخدام الحد الائتماني المسموح به بالبطاقة واستخدامه بحكمة متناهية بما يلبي الاحتياجات الفعلية والضرورية، بعيداً عن شراهة التسوق غير الضروري وغير المفيد الذي يوقع حامل البطاقة في طائلة الالتزامات المالية الضخمة، وبهذا يصبح استخدام البطاقة الائتمانية أمراً محموداً لا مذموماً تتحقق عنه فوائد كبيرة وعظيمة لحاملها.
وبهدف توفير الحماية اللازمة للعملاء وعدم إثقال كواهلهم بالقروض الاستهلاكية - بما في ذلك قروض البطاقات الائتمانية - أصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" ضوابط لمنح التمويل الاستهلاكي في عام 2006، إضافة إلى ضوابط تحكم إصدار وتشغيل بطاقات الائتمان وبطاقات الدفع، وحددت الضوابط الأخيرة، على سبيل المثال في البند السادس عدم جواز الجهة المصدرة للبطاقة الائتمانية إصدار أو زيادة سقف الحد الائتماني للبطاقة الائتمانية أو الخاص ببطاقة الدفع التابعة للعميل دون التحري عن سجلات العميل الائتمانية لدى الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية "سمة"، إضافة إلى أن البند الثامن من الضوابط نفسها لا يجيز للجهة المصدرة للبطاقة أن تسمح لعميلها أو للشخص المعين بالسحب النقدي باستخدام بطاقات الائتمان أو بطاقة الدفع إلا بحد أقصى 50 في المائة من سقف حد الائتمان الممنوح للعميل، كما لا يسمح للجهة المصدرة للبطاقة الائتمانية زيادة سقف الائتمان لعملائها دون تلقي خطاب موثق منهم يطلبون فيه الزيادة، كما يتعين على الجهة المصدرة للبطاقة الائتمانية، أن تلتزم بتنفيذ الإجراءات الملائمة الخاصة بإدارة المخاطر، بهدف ضمان تخصيص الحد الائتماني المناسب للعملاء الذي لا يثقل كواهلهم بالقروض والالتزامات التي تفوق قدراتهم المالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي