مؤتمر التضامن الإسلامي وعظمة المسؤولية والمكان والزمان

العالم الإسلامي اليوم يعيش حالة من التخلف والتفكك والضياع، في حقبة العالم فيها يتجه نحو البناء الإنساني والمكاني السليم وما يعيشه عالمنا العربي بشكل خاص وعالمنا الإسلامي بشكل عام من تدمير وقتل سواء بأيدي المسلمين أنفسهم كما هو الحال في عالمنا العربي، وأسوأ مثال يمكن ذكره لهذا القتل والاغتصاب والتدمير ما يحدث في سورية الشقيقة وبأيدي السوريين أنفسهم، وفي المقابل ما يتعرض له الشعب البورماوي المسلم من إبادة جماعية من حكومته وبين الشعبين السوري والبورماوي شعوب عربية وإسلامية تعيش حالة من الاضطهاد بأيديها وبأيدي أعدائها.
الحالة التي يعيشها العالمان العربي والإسلامي دفعت خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ــ يحفظه الله ــ إلى دعوة قادة العالمين العربي والإسلامي للاجتماع والتدارس في أقدس بقعة خلقها الله مكة المكرمة وجعل من ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك ليلة للقمة حتى يجعل الله سبحانه وتعالى ثم ملائكته وخلقه شهودا على حرصه ــ يحفظه الله ــ ويعينه على لم الشمل العربي والإسلامي وإصلاح الخلل حتى عندما يقابل كل قائد عربي ومسلم أو مسؤول عن المسلمين في أي مكان ربه يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا تكون له حجة أنه لم يدع في هذا الشهر الفضيل والليلة التي تتوارد المؤشرات على أنها ربما تصادف ليلة القدر، وجعل من مدينة مكة المكرمة وأمام بيت الله الحرام الشاهد الصادق على رغبته الصادقة في إصلاح خلل عالمينا العربي والإسلامي، انطلاقا من عظمة المسؤولية الملقاة على عاتقه كخادم للحرمين الشريفين ومؤتمن على أرواح وحقوق ومصالح المسلمين.
خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يعلم أن التقاء أكثر من 57 قائدا عربيا ومسلما هو تحد في الظروف العادية وأن التحدي الأكبر هو جمعهم في مكة المكرمة وفي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان ولكنه يعلم ــ حفظه الله ــ أن التحدي الأكبر والمهم هو جعل القادة ومن معهم من مسؤولين من رؤساء وزراء ووزراء ومستشارين ومرافقين يشعرون بعظمة المسؤولية وقدسية المكان والزمان وهو ما قد يدفعهم إلى التحضير الصادق الأمين مع رب العالمين لأنه مكان وزمان لا تنفع فيه مراوغة الحكام ولا دهاء السياسيين ولا كذب المستشارين ولا تزلف المنافقين ومصالح الفاسدين، لأنها مسؤولية عظيمة ومكان وزمان ينزل الله - سبحانه وتعالى - وملائكته للسماء الدنيا ليسمع ويرى ما يحدث في مثل هذه الليلة العظيمة المباركة من ليالي رمضان المبارك، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في ذلك ''ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر''.
إن إحساس المسؤولية وعظمة الزمان والمكان توجب العمل الصادق المسؤول من كل مسؤول ائتمنه الله ــ سبحانه وتعالى ــ على عباده الصالحين، هذا الائتمان الذي يحاول خادم الحرمين الشريفين ــ يحفظه الله ــ العمل على إظهاره قولا وعملا حتى يتحقق الأمل المرجو من هذا اللقاء ويحقق الله ــ سبحانه وتعالى ــ أمل الشعوب الإسلامية في قياداتها للسير بها نحو الأفضل تأكيدا لقول الله ــ سبحانه وتعالى ــ ''كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر'' وهل هناك أعظم وأجل من الأمر بحماية حقوق وأعراض الناس بشكل عام والمسلمين في أوطانهم بشكل خاص والارتقاء بهم نحو خير أمة أخرجت للناس.
إن الدور المأمول من جميع العرب والمسلمين وشعوب العالم المتحضرة أن تقف مع خادم الحرمين الشريفين بالدعاء أن يحقق الله مقصده من هذا الاجتماع المبارك الذي يرجو به وجه الله ــ سبحانه وتعالى ــ وبما يخدم جميع شعوب العالم لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام بينهم جميعا وفي الوقت نفسه يتطلب منا نحن المسلمين في مختلف مشارق الأرض ومغاربها أن نعمل على إنجاح هذه الدعوة، بالإشارة إلى أهميتها في هذا الوقت المهم الذي يعيشه العالم اليوم، والرسالة موجهة لجميع من يملك كل رسائل الاتصال والتواصل لجعل هذه الرسالة واللقاء والاجتماع في مكة المكرمة وأمام بيت الله في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك لقاء يرتقي إلى حجم الزمان والمكان.
أخيرا رسالة إلى سكان السعودية من السعوديين والمقيمين والقادمين لأداء العمرة في وقت المؤتمر للتعاون مع رجال الأمن والمنظمين للمؤتمر وإبراز الإحساس بحجم المسؤولية الواجبة على كل واحد منهم حتى يساعدوا على تحقيق أمل وحلم وطموح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في حقن دماء المسلمين واستمرار العزة للإسلام والمسلمين في كل مكان، وهي رسالته أيضا للأخوة والأخوات الكتاب والإعلاميين لدعم رسالته ــ يحفظه الله ــ من خلال الكتابة والطرح الإعلامي البناء وحتى نحقق شيئا من الأجر من هذا العمل الصالح، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

وقفة تأمل:

لا تحسبني محباً يشتكي وصبــــاً
أهون بما في سبيل الحب ألقـــــاهُ
إني تذكرت والذكرى مؤرقـــــة
مجداً تليداً بأيدينا أضعنــــــاهُ
أنى اتجهت إلى الإســـلام في بلد
تجده كالطير مقصوصاً جناحــاه
ويح العروبة كان الكون مسرحهــا
فأصبحت تتوارى في زوايـــــــــاهُ
كم صرفتنا يــــــــد كنــــا نصرفها
وبات يملكنــــــا شعـــب ملكنـــاهُ

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي