الانتفاضة السورية تجد صوتا في «هب هوب»
مع استمرار الصراع في سورية، أخذ كتاب وموسيقيون يعبرون عن أعمال العنف التي تشهدها البلاد، ومن بين أولئك فرقة ''لتلتة'' السورية لفن ''هب هوب''.
جلس معظم الجمهور غير المبتسمين على مقاعدهم، ولم ينخرط أكثرهم في الرقص، في مشهد غير مألوف في حفلات ''هب هوب''.
وربما يُرجع أي غربي يشاهد الحفل عدم التجاوب إلى أن ثقافة ''هب هوب'' لا تزال في بدايتها في العالم العربي، حيث توقف انتشارها ربما بسبب عدم انسجامها مع الثقافة السائدة فيه. وفي الواقع، لم تحظ ''هب هوب'' يوما بشعبية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، لكن الموسيقى كانت مصاحبة للثورات في كثير من الأحيان، ولم يشذ ''الربيع العربي'' عن هذه القاعدة.
غير أن الانتفاضة السورية تهيئ ظروفا مُثلى لانتشار موسيقى هب هوب، لذا برزت فرقة ''لتلتة'' لتعبيرها عن مشاعر السوريين. وبرر الشاب الجالس جواري عدم الرقص بالقول ''لا أحب الموسيقى، لكن أحب الكلمات. أنا سوري وأحس بالكلمات والأغنية تعبر عن مشاعري الواقعية، نحن لا نرقص، لأننا ننصت إلى الكلمات''.
وتضم فرقة ''لتلتة'' السيد درويش ووتر وأبوكلثوم، إضافة إلى المخرج داب سنكر، الذي توثق موسيقاه الانتفاضة السورية.
خلال الأشهر الأولى للانتفاضة، غادر الكثير من النخب الثقافية سورية، إما بسبب مطاردة النظام الحاكم أو بحثا عن ظروف عمل أفضل. وأصبحت ''لتلتة'' تتمتع بشعبية ضخمة في المنطقة، لأنها ظلت باقية في مقرها بدمشق، وكانت تتنقل بين العاصمة السورية ولبنان. وتسهم الفرقة في دعم الانتفاضة الشعبية عبر حركة تُعرف بـ ''الطريق الثالث''.
ويروج هؤلاء لطريق بديل عن الثنائية القائمة بين الموالاة والمعادة للنظام، ويسعون إلى خدمة المصالح الوطنية السورية.
وتعمل الحركة على الترويج لحرية التعبير والديمقراطية، وتعارض نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ويطرح كل عضو رؤيته للوضع في سورية، بصورة تعكس الآراء المختلفة المعبرة عن المجتمع السوري.
ومنحت الأزمة السورية ''لتلتة'' فكرة تعبر عنها، لكنها واجهت الكثير من العقبات قبل الوصول إلى ما هي عليه، ولم تتغلب بعد على كل المشكلات التي تعترض سبيلها.
ولم يكن من السهل قبل الانتفاضة استخدام الموسيقى في ظل المناخ السياسي والاقتصادي في سورية. ويقول وتر ''كانت مشكلتنا تتمثل ببساطة في غياب الدعم. فقد أقمنا حفلتنا الأولى بجهدنا الذاتي''.
ويضيف ''أقمنا حفلات أخرى بأموال من السفارة الأمريكية والمركز الثقافي الفرنسي، لكن التمويل كان رمزياً فحسب. وبالطبع توجد مشكلات دائمة في الأنشطة الثقافية في سورية، فالنظام كان يخشى من التعبير الثقافي''.
لم تكن ''القيود'' على انتشار ''هب هوب'' في سورية، بسبب الأوضاع السياسية فحسب، إذ إن معظم تجربة السوريين الخاصة بالهب هوب تأتي من فنانيين أمريكيين أو بريطانيين، وكانت القضايا التي تتناولها أعمال هؤلاء غريبة على المجتمع السوري.
ودفعت الأحداث ''هب هوب'' السورية إلى الساحة الدولية، فالقمع السياسي كان يعني أنه لم يعد في مقدورهم العمل في سورية، ولذا اضطرت ''لتلتة'' لتوسيع نطاق جمهورها المستهدف والسفر في منطقة الشرق الأوسط لإقامة حفلات.
ويقول أبو كلثوم ''الموسيقى السورية لم تعد في انقطاع عن العالم، بل يمكننا حاليا الإسهام كسوريين بطريقة جديدة''، حسبما نقل موقع شبكة bbc.