الرهن العقاري.. حلم المواطن أم أمان بنك وتاجر؟
الرهن العقاري كُثر الكلام عليه من مؤيد أو معارض ومن يرى أنه حل لمشكله الإسكان في المملكة من حيث رفع نسبة تملك المواطنين للسكن.
الذي نطلبه من وزير الإسكان أن يخرج علينا بتقرير رسمي يوضح لنا كم نسبة السعوديين الذين لا يملكون سكنا وما السعر المنطقي للوحدة العقارية مقارنة بدخل المواطن. وقبل الخوض في موضوع الرهن العقاري يجب أن نعرف: ما الرهن العقاري؟
الرهن العقاري هو أن تحصل على قرض من أحد البنوك أو المؤسسات المالية بغرض شراء مسكن، ويقوم المالك بتحويل المسكن للمقرض وهو البنك تحت ما يسمى رهن العقار - وحتى يتم هذا نحتاج إلى السجل العقاري الذي يرصد أملاك الجميع، وعندما يتم المقترض جميع المستحقات التي عليه يعود له العقار أو المسكن وإذا لم يف بهذه المستحقات يحق للبنك الاستفادة من هذا العقار. وتكون نسبة الفائدة على الرهن إما متغيرة وإما ثابتة. هذا تعريف مبسط عن الرهن العقاري دون تعقيد.
كيف تتم آلية الرهن العقاري؟ يقوم المواطن بالتقدم بطلب رهن عقاري من البنك، ويقوم البنك على أثر هذا الطلب، بطلب قائمة من الضمانات ضمان الراتب أو ما يعرف بتحويل الراتب ورهن العقار المراد شراؤه وقد تصل إلى السجن في حالة التعثر في السداد. بهذه الحالة وهذا الكم الكبير من الضمانات تكون نسبة المخاطرة على البنك صفر، كما تعودنا من البنوك في أغلب المعاملات إذا لم تكون كلها ولا يحق للبنك هذا الكم من الضمانات المفترض أن يكتفي البنك برهن العقار والسجل الائتماني والدفعة المقدمة. لماذا لا تجبر البنوك على مبدأ المشاركة وهو إحدى أهم النقاط في المصرفية الإسلامية؟
في هذه الحالة لا يهتم البنك بالقيمة الحقيقية للعقار لو افترضنا أن القيمة الحقيقية للعقار هي مليون ريال وطلب المالك الأصلي للعقار مليوني ريال لن يتردد البنك في دفع هذا المبلغ، لأن البنك خارج من المخاطرة ولديه كل الضمانات. ويجب على المواطن دفع المبلغ مع الفوائد التي عليه وحتى لو وصل إلى أن يسجن هذا المواطن ويطرد أهله من البيت. في هذه الحالة هل الرهن العقاري هو حلم المواطن أم ضمان للبنوك؟
مشكلة الرهن العقاري تكمن في عدة أمور، الرهن العقاري يحتاج إلى نظام متكامل وسلسلة من التشريعات حتى ينجح.
أولى المشكلات التي سيحس بها المواطن هي التقييم أو التثمين، من له الحق في تقييم هذا العقار إن كان السعر الحقيقي ألف أو مليون ريال، وما المسؤولية القانونية التي تقع على المثمن؟ وما الضمان على وجود مشتر حقيقي بهذا السعر؟ التثمين أو التقييم في الرهن العقاري مثل العامود الفقري في جسم الإنسان إذا حدث فيه انحراف بسيط قاد إلى مشكلات عظمى يصعب الخروج منها. من يقوم بالتثمين العقاري يجب أن تتوافر فيه شروط وليس كل مكتب عقار أو شركة عقارية لها الحق في التثمين. وألا تكون مهنة من لا مهنة له (عاطل أو متقاعد).
الشروط الواجب توافرها في الجهة المثمنة: أولا أن تكون شركات وليست أفرادا، من يريد أن يحترف هذا المجال يجب عليه تحمُّل المسؤولية كاملة. أن يكون حاصلا على شهادة في التقييم من أحد المعاهد الدولية وهناك كثير من الشهادات المعترف بها دولياً للتقييم، أن يكون لديه تأمين على قراراته، بمعنى لو أخطأ في القرار تتحمل شركة التأمين هذا الضرر وشركات التأمين كفيلة بضبط السوق، التقييم ليس قيمة الإيجار مضروبة في عشرة، تدخل فيها أمور كثيرة لا يتسع المجال الآن لسردها ولكن سأكتب عنها في مقال قادم ـــ إن شاء الله.
من أهم المسؤوليات على المقيم ضمان السعر للبيع الفوري الحقيقي وفي حالة عدم صحة التقييم يتحمل غرامة مالية ويخرج من السوق.
مشكلة أخرى في الرهن العقاري، سيرتفع الطلب على الرهن مما يقود إلى نقصان في السيولة في البنوك وإذا نقصت السيولة ارتفع معدل الفائدة وحتى تعود السيولة يجب بيع سندات أو صكوك الدين من البنوك إلى المستثمرين وهذا السوق ضعيف جداً أو قد يكون ميتا لدينا إذا سترتفع تكلفة الإقراض.
مشكلة قانونية أخرى، ما النظام التنفيذي لنظام الرهن العقاري؟ حيث يجب أن تكون العلاقة بين البنك والمقترض واضحة جداً لا تحتمل التأويل، يجب أن يكون النص واضحا وضوح الشمس. متى يحق للبنك طرد المقترض أو متى يحق للبنك أن يرسل إنذارا للمالك بطرد أو سحب العقار؟ أعتقد أن الموضوع يحتاج إلى وقت حتى ينضج ولو تم تطبيقه في منطقة واحدة من مناطق المملكة لفترة حتى نعرف المشكلات وكيف يتم علاجها. مشكلة العقار في المملكة أن أسعار العقار لا تتناسب مع دخل المواطن بأي شكل من الأشكال وعدم فرض ضريبة على الأراضي تؤخذ من التجار وتعطى المساكين لن يتحرك التاجر لخفض أسعار العقار، ومن يقول إن سوق العقار هو عرض وطلب، أقول إنه سوق عروض وطلب غير حقيقي ولا تتم فيه تحويلات مالية حقيقية وهو أقرب ما يكون إلى سوق تدليس.