المتغيرات السياسية في العالم العربي تغلق قناة تلفزيونية وتسجن مسؤولين
المراقب لوتيرة الحراك الإعلامي، خاصة في جانبه التلفزيوني المتزامن مع المتغيرات السياسية التي تمر بالعالم العربي، سيلحظ بشكل جلي الزوبعة الكبرى التي تثار من بلد لآخر حول بعض مضامين القنوات التلفزيونية التي تخالف النهج الجديد الذي يسير عليه سياسيو تلك الدول، مماحدا ببعض المسؤولين إلى إغلاق قناة فضائية وسجن بعض المسؤولين عن القنوات التلفزيونية في مصر وتونس.
ففي تونس أصدرت السلطات مذكرة توقيف بحق مدير تلفزيون خاص اشتهر ببث برنامج سياسي ساخر ينتقد رموزا من حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في البلاد.
وقالت المحامية سنية الدهماني لوكالة الصحافة الفرنسية إن القضاء أصدر في ساعة متأخرة من الجمعة الماضية بطاقة إيداع بالسجن بحق موكلها سامي الفهري مدير تلفزيون ''التونسية'' الخاص ''من دون استدعاء المتهم أو محامييه ما يمثل خرقا للقانون'' التونسي.
وأضافت أن القاضي خرج في عطلة مباشرة بعد إصدار بطاقة الإيداع ما حال دون اتصال المحامين به.
وقالت وكالة الأنباء التونسية إن الفهري يلاحق من أجل قضية تتعلق بـ ''ابتزاز'' مالي للتلفزيون العمومي في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
لكن سامي الفهري (40 عاما) صرح السبت لإذاعة إكسبرس إف إم الخاصة، أن تحرك القضاء ضده في هذا الوقت جاء على خلفية بث قناته برنامج ''اللوجيك السياسي'' الساخر، لافتا إلى نه الوحيد الذي تم استصدار بطاقة توقيف ضده من بين المتورطين في قضية التلفزيون العمومي.
ويتضمن البرنامج فقرة ''القلابس'' وهي دمى متحركة ترقص وتغني وتجسم شخصيات حكومية وسياسية تونسية شهيرة مثل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، وحمادي الجبالي أمين عام الحركة ورئيس الحكومة، ومنصف المرزوقي رئيس الجمهورية.
وحظي البرنامج، الذي انطلق بثه بداية شهر رمضان، بشعبية كبيرة في تونس مثلما أظهرت ذلك استطلاعات رأي.
وقال سامي الفهري إن البرنامج أثار ''جنونهم'' (حركة النهضة) وأن لطفي زيتون عضو حركة النهضة والمستشار السياسي لرئيس الحكومة اتصل به شخصيا وطلب وقف البرنامج.
وأضاف أنه اضطر تحت وطأة ''الضغوط (الحكومية) الشديدة'' إلى إيقاف بث البرنامج قبل أربعة أيام من عيد الفطر.
وتابع أن زيتون عاود الاتصال به بعد تسرب أخبار حول تعرض القناة لضغوط حكومية وطلب منه التصريح لوسائل إعلام بأن تلفزيون التونسية لم يتعرض لأي ضغوط وأنه أوقف بث البرنامج من تلقاء نفسه.
ويعتبر صحافيون تونسيون أن لطفي زيتون يقوم اليوم بدور مماثل لدور عبد الوهاب عبد الله المستشار السياسي السابق الذي كان مكلفا بمراقبة و''تركيع'' الإعلام في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، والذي تم سجنه غداة الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع.
وهدد زيتون أخيرا بإصدار ''قائمة سوداء'' بأسماء الصحافيين التونسيين الذين خدموا نظام بن علي إثر احتجاج صحافيين على تعيين حركة النهضة موالين لها على رأس التلفزيون العمومي ووسائل إعلام أخرى.
وعبر صحافيون معارضون لحركة النهضة عن خشيتهم من زج الحركة بأسمائهم في القائمة السوداء ''كتدبير انتقامي''.
والخميس الماضي، أعلنت بثينة قويعة الصحافية في الإذاعة العمومية أن الحكومة أمرت باقالتها إثر بثها برنامجا انتقدت فيه التعيينات الأخيرة في قطاع الإعلام.
وفي سياق متصل، أفاد سامي الفهري أن وزير الداخلية علي العريض منع أخيرا بناء على ''تعليمات'' الممثل الكوميدي عربي المازني الذي يتعامل مع قناة ''التونسية'' من تقديم عرض مسرحي.
وكان الفهري ينتج برامج ومنوعات خاصة للتلفزيون العمومي عبر شركة الإنتاج الخاص ''كاكتوس'' التي أسسها عام 2002.
أما في مصر فقد أصدرت السلطات المصرية قرارا بوقف قناة الفراعين الخاصة لمدة شهر، وأنذرتها بسحب الترخيص، فيما بدأت نيابة أمن الدولة العليا التحقيق في بلاغات تتهم صاحبها بالتحريض على قتل الرئيس مرسي.
وقال التلفزيون الرسمي المصري ''إن وزارة الاستثمار التي تمنح التراخيص للقنوات أصدرت قرارا بوقف الفراعين لمدة شهر وإنذارها بسحب ترخصيها إذا استمرت تجاوزاتها''، دون الكشف عن أية تفاصيل أخرى، فيما يبدو أنها جاء على خلفية إعلان رئيس القناة توفيق عكاشة إهداره لدم الرئيس المصري وانتقاداته له.
والتي لا تخلو من تجاوزات بحسب مراقبين. في غضون ذلك قال المستشار عادل السعيد النائب العام المساعد والمتحدث الرسمي للنيابة العامة ''إن نيابة أمن الدولة العليا بدأت تحقيقات موسعة في ثلاث بلاغات مقدمة ضد توفيق عكاشة رئيس قناة الفراعين، والتي تضمنت اتهام المبلغين له بالتحريض على قتل الرئيس محمد مرسي رئيس الجمهورية وقلب نظام الحكم''.
وأوضح السعيد أن فريق النيابة بدأ في مباشرة التحقيقات بسؤال المبلغين واستكمال إجراءات التحقيق، وفقا لوكالة الأناضول للأنباء.
#2#
وتوفيق عكاشة قال في إحدى حلقات برنامجه مخاطبا الرئيس ''إذا كنت أحللت دمي فأنا أيضا أحلل دمك، وإذا كنت تعتقد أنني ليس لدي من ينفذ فأنا لدي وحوش للتنفيذ''، وأوضح أنني ''أهدرت دم مرسي ردا على إهدار جماعة الإخوان المسلمين لدمي''، وقد نفت الجماعة أن تكون قد صرحت بأي شيء مما قاله عكاشة.
كما هدد عكاشة رئيس الجمهورية بالتعرض للاعتداءات والضرب في حال حضوره جنازة الشهداء الذين سقطوا في هجمات سيناء، وهدد بإشعال البلاد بشكل لا يستطيع أحد في مصر كلها أن يطفئها.
وقد أثارت تصريحات عكاشة الملايين من الشعب حيث يرونه خطرا على الأمن القومي المصري، خصوصا عندما يتحدث عن الكيان الصهيوني ويقول ''إخواتنا الإسرائيليين'' ويصفهم بشعب السلام والتسامح، ويحرضهم على الرئيس مرسي الذي لن يدعهم يعيشون في سلام.