المنشآت الصغيرة والمتوسطة.. لماذا هذا الاهتمام؟

نظرا لما يشكله قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة من أهمية كبرى لاقتصادات دول العالم، وبالذات لاقتصادات الدول النامية، التي تجسدت في كونه محركا رئيسا للنشاط الاقتصادي في أي بلد في العالم، باعتباره مسؤولا مسؤولية مباشرة عن استيعاب قدر هائل من الوظائف، فقد أولته معظم حكومات الدول على مستوى العالم، هذه الأهمية، وبالذات أن القطاع ليس فقط قادرا على استيعاب أعداد هائلة من القوى العاملة، بل إنه قادر على استيعاب قوى عاملة إما متوسطة أو متواضعة التدريب والتأهيل العلمي، إضافة إلى أنه يسهم بفاعلية في النشاط التجاري اليومي للسلع والخدمات.
ونظرا لتك الأهمية أصبحت المنشآت الصغيرة والمتوسطة الحجم تشكل أهمية من حيث العدد والقيمة المضافة للاقتصاد والقدرة على التوظيف بعدد كبير جدا من دول العالم، فعلى سبيل المثال لا الحصر، في منطقة اليورو يشكل عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة نحو 99.8 في المائة من إجمالي منشآت الأعمال، ونحو 60 في المائة من القيمة المضافة، ونحو 70 في المائة من التوظيف، وهذه النسب بطبيعة الحال ليست مقتصرة فقط على منطقة اليورو، بل إنها تنطبق على عدد كبير من اقتصادات دول العالم.
ويأتي أيضا اهتمام حكومات دول العالم بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، كونها أداة فعالة في إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق النائية أو الأقل حظا في التنمية، ما يوفر على الحكومة الكثير من المال والجهد، باعتبار أن القطاع الخاص سيكون له دور رئيس ومهم في تنمية تلك المناطق.
بالنسبة للوضع في المملكة العربية السعودية، قد لا يختلف كثيرا عن بقية دول العالم، وبالذات فيما يتعلق بالاهتمام بذلك النوع من المنشآت وبذل أقصى الجهود الممكنة والمتاحة، للارتقاء بأدائها والرفع من مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ولا سيما أنها مسؤولة عن توظيف أكثر من 80 في المائة من القوى العاملة في السوق، وتمثل نحو 90 من أعداد الشركات والمؤسسات في المملكة.
نتيجة لهذا الاهتمام، شهد قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، نموا واضحا خلال السنوات القلية الماضية، حيث ارتفع عدد المنشآت المشتركة في نظام التأمينات الاجتماعية من نحو 121.5 ألف منشأة عام 1426هـ إلى نحو 218.4 ألف منشأة في عام 1430هـ، أي بمتوسط سنوي بلغت نسبته 16 في المائة. وتمثل المنشآت الفردية نحو 93.1 في المائة من الإجمالي، والمحدودة نحو 4.7 في المائة، والتضامنية نحو 0.6 في المائة. ويتركز النشاط الاقتصادي لهذه المنشآت في ثلاثة أنشطة هي التجارة بنسبة 34.3 في المائة، والتشييد والبناء بنسبة 32.3 في المائة، والصناعات التحويلية بنسبة 14.6 في المائة.
وللتغلب على مشكلة التمويل التي تواجه المنشآت الصغيرة ومتوسطة الحجم في المملكة، قامت وزارة المالية بالتعاون مع المصارف السعودية بتأسيس برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة ''كفالة''، الذي يديره صندوق التنمية الصناعية السعودي برأسمال قدره 200.1 مليون ريال، بغرض تغطية نسبة من مخاطر الجهة الممولة في حالة إخفاق النشاط المكفول في سداد التمويل أو جزء منه، ولتشجيع البنوك على تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي تمتلك مقومات النجاح، لكن لا يمكنها تقديم الضمانات اللازمة أو السجلات المحاسبية التي تثبت أهليتها للحصول على التمويل.
وحقق البرنامج منذ انطلاقته عام 2006 حتى نهاية آب (أغسطس) من العام الجاري، إنجازات ملحوظة وملموسة، حيث بلغ عدد الكفالات الذي اعتمده البرنامج خلال الفترة المشار إليها نحو 4156 كفالة، بقيمة إجمالية قدرها 1.956 مليون ريال، مقابل قروض منحتها المصارف تحت مظلة البرنامج بلغت نحو 4.2 مليار ريال، استفاد منها نحو 2564 منشأة صغيرة ومتوسطة الحجم.
إضافة إلى برنامج ''كفالة''، يقدم البنك السعودي للتسليف والادخار وصندوق المئوية قروضا للمواطنين لتمويل المشاريع الصغيرة.
جميع هذه الجهود يتوقع لها أن تسهم بفاعلية في الارتقاء بأداء المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز مساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المملكة، ولا سيما أنها من خلال هذا الدعم الحكومي، ستتمكن من التوسع في حجم أعمالها، وتوظيف أكبر عدد ممكن من المواطنين، الأمر الذي تنشده الدولة وتسعى إلى تحقيقه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي