المهارات الأساسية.. في «تعليم» الرومانسية

تعتزم وزارة التربية والتعليم إضافة مقررات جديدة ضمن حقيبة ''المهارات الأساسية'' للمرحلة الثانوية (مقررات)، أيضًا!
ومن هذه المقررات المهارية، على سبيل الحـِصار لا المـثل:
مقرر (مهارة التقديم)، (اتخاذ القرار)، (حل المشكلات)، وأخيرًا.. (كتابة البحوث)!
يأتي هذا، بحسب مسؤولي الوزراة طبعًا، لسد الفجوة بين المرحلتين الثانوية والجامعية. عزيزي القارئ، سنضطر إلى التوقف هنا، قبل أن نغامر وندخل في مشروع المناهج الشامل للمراحل التعليمية الثلاث! فهذا المشروع قصة أخرى، ربما نفرد لها سلسلة مقالات في ''حقيبة'' مستقلة! ونعود لحقيبة المهارات الأساسية ومقرراتها، فنقول:
لماذا نبتعد عن الواقع إلى هذه الدرجة؟ الوزارة تتحدث عن (مهارة التقديم)، وكأن معامل الحاسب في المدارس الحكومية توفر أحدث الأجهزة وأكثر البرمجيات تطورًا، بينما تتيح القاعات المتعددة والمؤثثة طبقًا لأعلى المعايير العالمية أروع الفرص لعقد المحاضرات والورش والندوات! الواقع يؤكد أن مهارة التقديم الوحيدة التي يمكن لأي كان أن يلمحها عند مدخل كل مدرسة ثانوية للبنات، هي مهارة تقديم الذات لأولياء الأمور عبر ميكروفون حارس المدرسة، بالتناوب:
حصّة الفلاني.. حصة... بسـرعة!
مزنة.. نوف.. فتون.. يللا تأخرنا!
ولو انتقلنا لمدارس البنين، فسرعان ما سنكتشف أن القاعة الوحيدة المهيئة لمثل هذا الخيال العلمي، هي ''الحوش'' المغطى بالشينكو.. والمعزز بالتبريد عبر السستم المعقّد للمكيف الصحراوي!!
من جهة أخرى، لا أدري في واقع الأمر كيف يمكن للطالب والطالبة أن يكتسبوا (مهارة كتابة البحوث) في ظل انعدام مكتبة المدرسة، أو على الأقل: انعدام المراجع فيها؟! وأرى أن هذا التوجه يصب في مصلحة أمر واحد، ألا وهو المزيد من الرومانسية في الحياة التعليمية! فالوزارة بهذا الشكل ستتيح للطالب فرصة قضاء وقت أطول في التفكير بالسيارات، بينما ستقضيه الطالبة في الدردشة حول أحدث الفساتين، فيما يتولى (ورق-الزمان)، خبير البحوث في مركز خدمات الطالب، توليف بحث عبر الدكتور جوجل!
ثالثًا، وللإنصاف، أنا مطمئن من جهتي لإمكانية تدريس مهارة الإلقاء، فكلنا نشارك الوزارة في حب الإلقاء، هذه لا خوف منها أو عليها! فالتعليم لا يؤصل في أغلبنا شيئًا قدر ما يؤصل لإلقاء كل شيء كان يخصنا، تقريبًا، على الغير! ''ترجيم'' بالشعبي!! وربما تؤسس هذه الرومانسية التعليمية للفانتازيا الأكبر والأشمل، وهي اكتساب (مهارة حل المشكلات)! فكل طالب وطالبة عليهم أن يبادروا ويحلوا مشكلة تعطل مكيف الفصل، انعدام نظافة دورات المياه، سوء التغذية المدرسية، تلاشي وسائل النقل، تآكل البرادات وتلوث المياه فيها.. إلخ!
أستأذنكم الآن، وأترك للجميع فرصة ممارسة رياضة الرومانسية في المهارات التعليمية! مع تحيات: رومانسي الساحة العلمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي