لا يهمني أن أكون الأولى
في الوقت الذي ينشغل فيه الوطن بعبث بعض الصبية الذين يتسلون بإحراق كاميرات ساهر، أو التفحيط وزهق أرواح المارة المسالمين، أو معاناة البديلات المستثنيات، تمكنت امرأة سعودية من الصعود إلى قمة جبل إيفرست، لتدخل التاريخ باعتبارها أول سيدة سعودية تتسلق أعلى قمة جبلية في العالم.
في الوقت الذي كنا نناقش فيه بحِدة تحليل قيادة المرأة أو تحريمها، شروط دخولها للملاعب الرياضية من عدمها، تأنيث محالها التجارية بشروط تعجيزية، تثبيتها "أو عدم تثبيتها" على وظيفتها، كانت رها محرّق تثبت وجود المواطن السعودي وبالذات المرأة السعودية على خريطة العالم. رها ليست فقط أول سعودية تتسلق القمة، بل أيضا أصغر شابة عربية تتمكن من الوصول إلى القمة.. من ضمن القمم الكثيرة التي استعصت على كثير من الرجال.
في الوقت الذي كان فيه الشوريون يناقشون على مدى سنوات عدة قانون "الحماية من الإيذاء" وسن تشريعات لتحديد زواج الرضيعة والطفلة، واختراع التبريرات لتأمين مواصلات عامة آمنة للنساء، كانت رها تعمل مع زملائها في الرحلة لجمع مليون دولار لدعم التعليم في نيبال. يا له من هدف جميل.
حدثتكم سابقاً عن نفوس قوية لا تعرف اليأس، ومشاركة 11 سيدة سعودية في تسلق جبل إيفريست على ارتفاع 5400 متر لتحقيق هدف نبيل آخر. رافقت رها محرق زميلاتها أسماء الشريف، مشاعل الحجيلان، منى شهاب، نورة بوظو، ، لينا المعينا، سماهر موصلي، هتون مدني، علياء السعد، ريما آل سعود، وحسناء مختار في تلك الرحلة، بهدف التوعية بمخاطر سرطان الثدي في إطار حملة ''رحلة نساء جبل إيفريست''.
عندما قابلت الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، العضو المؤسس لجمعية زهرة لسرطان الثدي وزميلاتها قبل قيامهن بالرحلة الجريئة، لمحت إصرارهن على تحدي الصعاب وتوعية المجتمع بأهمية الكشف المبكر. كذلك من اطلاعي على نشاط المتطوعات بجمعية السرطان بالمنطقة الشرقية ومنهن فاطمة أكبر وبدرية القناص وتغريد الجربوع، لمحت إصرارهن على التطوع في المنتديات العلمية، وتحفيز السيدات على المشاركة بشكل أكبر في محاربة المرض، ودعم المصابات به، والتشجيع على أسلوب صحي متكامل. اخترن مواجهة التحديات بالإيمان عوضاً عن الاستسلام.
بالرغم من أن النساء السعوديات يمثلن 58 في المائة من خريجات الجامعات إلا أن 14 في المائة فقط منهن يدخلن سوق العمل للمشاركة في نهضة الوطن. يقال إن المرأة نصف المجتمع، وهي التي تلد وتربي النصف الآخر، ولعلي أضيف هنا أنها اليوم تقود شعلة الأمل متحدية قمم الجبال.
في الوقت الذي نفتخر ونحتفل بأكبر صحن كبسة، وأطول ساندويتش جبنة، وأغلى فستان سهرة، وأول من أطلق فتوى المكيفات، وأول حادث تفحيط.. تقف رها المحرق على قمة إيفرست لتقول: "لا يهمني أن أكون الأولى...".