الحرس القديم
عندما تَقَلَد الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ رئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في 19 صفر 1433هـ (13 يناير 2012)، كانت الهيئة محل إثارة صحفية شائكة وجدل اجتماعي حاد وتجاذب فكري متراكم.
كانت أولى مهام الرئيس الجديد إعادة تنظيم عمل الهيئة. الرسالة كانت واضحة؛ من غير المسموح لغير منسوبي الهيئة النظاميين أداء مهام الهيئة. بمعنى آخر، ولّى عهد "المحتسبين المتعاونين" وولّت معهم الأساليب الارتجالية بالتعامل مع خلق الله.
لم يخلد "الحرس القديم" للراحة، بل اعترضوا على سحب "صلاحياتهم" الميدانية التي كان معظمها يعتمد على ممارسة أساليب الغلظة والإكراه. كانت نظرة الرئيس الجديد مختلفة كلياً، كلنا يتذكر القاعدة التي أسسها عند تسلّم مهامه وهي "الأمر بالمعروف بمعروف والنَّهي عن المنكر بلا منكر".
شعر "الحرس القديم" بفقدان "سلطتهم"، ولا سيما أنهم عملوا لفترات طويلة على نهج المراقبة والتجسس رافضين أي مشاريع إصلاحية. لم يعد بإمكان "الحرس القديم" اتباع أسلوب سوء الظن أو عدم التيقن أو حتى ممارسة المطاردات العشوائية والملاحقات الهوجاء وإجراءات الضبط التعسفية.
ما زال أمام الهيئة الكثير من المهام لأداء عملها بإيجابية، وأهمها الالتزام بإجراءات القبض والتفتيش، كما هو متبع في نظام الإجراءات الجزائية. كذلك ما زالت أمام الهيئة مسؤولية منع "الحرس القديم" من التعدّي على المواطنات العاملات في المحال النسائية والتحرُّش بالكاشيرات أو التعرُّض لحرمة معرض الكتاب ومهرجان الجنادرية والمناسبات الوطنية الأخرى.
مازالت أمام الهيئة مسؤولية منع المحتسبين المجتهدين من التدخُّل العشوائي في أمور المواطنين والوافدين على حد سواء. الاجتهادات الشخصية أصبحت من الماضي، وحل محلها العمل بوسطية واعتدال وفق القواعد النظامية.
ما زالت أمام الهيئة مسؤولية حفظ كرامة الموقوف بغض النظر عن التهمة الموجهة إليه ذكراً كان أو أنثى. هناك بوادر إيجابية للقضاء على الفوضى التي كانت سائدة في الماضي والتعدّي على حقوق الناس وتفتيشهم والتسلط عليهم باسم الهيئة، لأن كل هذه الوسائل أصبحت غير مجدية وغير قانونية.
مرّ أكثر من ثلاثة أعوام على مطالبة مجلس الشورى لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإعداد دليل متكامل وواضح لحقوق وواجبات الميدانيين تفادياً لأي أخطاء. برّر "الشورى" هذه المطالبة المشروعة بأن العمل المؤسسي يقوم على أنظمة ولوائح لممارسة العمل بطريقة مهنية وللحد من الاجتهادات الشخصية.
لا يبدو أن "الحرس القديم" سيكف عن المطالبة باسترداد "حقوقهم"، ولذلك أصبح لزاماً على الهيئة الاستمرار في خطواتها الإصلاحية من أجل مستقبل أكثر أماناً للجميع.