الوصلات الدعائية تفسد ذوق المشاهد وتخرجه عن طوره

الوصلات الدعائية تفسد ذوق المشاهد وتخرجه عن طوره

كَثرة الفضائيات وانتشارها سَبب هَاجسا مرضيا لدى أصحابها مفاده من أين نأتي بمحتوى جذاب يجعل القناة تُحقق أعلى نسب مشاهدة حتى تتهافت عليها الشركات المُعلنة، وهذه الأفكار الرأسمالية المسيطره تجعل من القناة أرضا خَصبة لإنتاج أي نوع من البرامج حتى ولو مستنسخة من فضائية أخرى والغالب تكون الفكرة آتية من الغرب، وِلمَ لا وهو برنامج ناجح وله من الصيت والشهرة ما يؤهله للزج به دون دراسة ولا دراية فهل سيصلح ويحقق النجاح في السوق المحلية مثلما فعلها في السوق الغربية؟ أسئلة كثيرة تطرح نفسها ويحب أن يُجيب عنها أصحاب الفضائيات أنفسهم لماذا التقليد الأعمي؟ وهل لمُجرد اللهث وراء الدعاية نأتي بالمُحتوي الرديء؟ ولماذا لا نأتي بالمُثمر المفيد؟ لماذا لا نُجيد صناعة فكرة جيدة وتكون حَصرية لعُقولنا؟ لماذا لا يأتي الغرب ويقلدنا فى الأفكار؟ ألم نكن نحن المُعلمين الأوائل فى شتى المجالات؟ هل لهذه الدرجة توقفت عُقولنا عن تقديم الجديد؟ رجاءً الرحمة من التقليد دون داع، ولنجعل من فضائياتنا منبرا للثقافة والحوار البَناء بدلاً من أن نجعلها تَسلك سُلوك الاعتماد على إبداع الغير دون وجه حق. لهذا لابد من التغير الجَذري لخريطة تلك الفضائيات التى حَادت عن الطريق وبالتحديد فى مُجارتها لغيرها فى تقديم برنامج رياضي يومي يُعنى بالشأن الكروي.
نعم هناك كم هائل من البرامج الرياضية مما يَضعنا يومياً فى حِيرة من الاختيار نتابع هذا أم ذاك، مُحدثين أنفسنا ربما هذه القناة برنامجها أفضل من الأخرى، وهنا لابد من الوقوف عند كلمة أفضل فالأفضلية لمن؟ برنامج فِكرته جديدة جيدة أم رديئة مُستهلكة، مقدم دَارس وواع أو حتى مُطلع أم أنه أتى من عَالم الشهرة الرياضية لكى يصنع المَجد للقناة. حتماً هذه الافكار والتساؤلات تدور فى رأس المشاهد لأن الجمهور الكروي لديه من الثقافة ما يجعله واعيا يعرف ماذا يُريد فهو يبحث عن برنامج يُفيده لا يُريد توجيهات ولا توجهات، رافضاً مُعلقا متعصبا يشجع فريقه ويُظهر تَجَهمه إذا اعتدى عليه أحد بمُناصرة الفريق المنافس، حقاً الأحاديث الرياضية باتت بلا مَرجعية أو دراية مُجرد حديث مُطول كل ليلة لملء ساعات بث، وعادة تكون مُكملات رياضية لا تَمُت للتحليل والنقد الرياضي بصِلة وإلا لماذا يَحجم المشاهد فى الغالب عنها ويبدأ بالبحث عن راعي الفكرة الحيادية أو عن مذيع مرموق له بَاع رياضي يقدم المعلومة عن دراية ودراسة لا عن طريق صِراع الصوت العالي ولمن الغلبة فى النهاية.
نعم هذه البرامج أرهقتنا فيما نَدر منها حالها حَال الكثير من البرامج المستهلكة التى هَبطت علينا من عند ''الخواجة'' بسرعة البرق دون سابق إنذار ولا يَعلم القائمون عليها وَقعها علينا وهل هى مناسبة لنا أم لا، مع الأخذ فى الحسبان أن الإعلام الرياضي مِثل أى مَجال آخر غير معصوم من الخطأ ولكن يجب البحث عن حل مُتزن لهذه المشكلات التى تُؤرقنا وأصبحت تُمثل تهديدا واضحا لعُقولنا، وذلك باعتماد خريطة برامج متكاملة لهذه القنوات من قِبل مُتخصصين مُنغمسين فى الشأن الرياضي يَعلمون احتياجات المشاهد، وأهم من ذلك وضع البرامج الرياضية الهادفة فى صَدارة الأوقات المناسبة للمُتلقي ولا نَنس الصحف والمجلات المُهتمه بهذا الشأن فلابد من وضع مَنهجية محددة لها والبعد عن التحيز لجمهور بعينه على حساب آخر ومراعاة المِهنية الصحفية وإرساء روح الرياضة المعروفة. وبالرجوع للإعلام الكروي عليه بالبحث عن الجديد في البرامج التى تُذاع بشكل مُستمر فنجدها فى أحسن صورها فى أثناء المواسم الرياضية، وما دُون ذلك تكون برامج عَابرة لا تُثمن ولا تُغني من جوع، لذا عليهم انتقاء الضيوف العقلاء حتى ولو اِعتمدنا على مُحلل رياضي واحد مُستمر معنا كل ليلة. المهم الدراية والحيادية والموضوعية لأن الغَالب على هذه النوعية من الضيوف أصبحت تأتي لمُجرد الظهور الإعلامي أو الوَساطة والمَحسوبية وما أن يبدأ فى التحليل والحوار حتى يَظهر جلياً عدم وضوح رأيه من مَضمون كلامه مُجرد عِبارات رنانة ومتاجرة بالمواقف الرياضية، وما أن يَدخل لاعب سابق مَرموق فى هذا المُعترك فيصبح ضِمن شلة مُستفيدي الشُهرة ومنهم الكثير لا يَعي شيئاً تجاه التحليل ويعتقد نفسه صاحب المعلومة الخَفية الكاملة ولكنه دون أن يَدري يصبح غير مقبول فى طلته البرامجية حتى الرصيد الذى كونه الجمهور له سابقاً بدأ فى التلاشي. وتترسخ هذه الفكرة وهذا الشعور أكثر عندما يَدخل في عِراك لفظي مع ضيوف برنامجه وخاصة إن كان مُتعصبا لفريق بعينه فتبدأ المَعارك اليومية بصراخ على حَال الكرة ثم المُقاطعة فى الحديث ويستمر اللقاء مدة الساعتين فى نِزاع متواصل تتخلله الدعاية ثم ينتهي اللقاء ونَخرج نحن بلا استفادة بل يزيد استياؤنا من الألفاظ الخادشة والعبارات المستفزة الجديدة، وحتماً سنَعرف التوجه الرياضي للضيف لأنه يَظهر عليه جليا أثناء الحوار وأخيرا تُوزع التُهَم فيما بينهم وينتهي اللقاء بالسلام أو في الغالب دون سلام، لنبحث نحن عن قناة أخرى لا للمشاهدة بل للمقارنة لعل هذا البرنامج الجديد يَصلح لنا ولكن فى الغالب يَخيب الظن.

الأكثر قراءة