أين وصلنا في حقوق الإنسان؟
دعت تعاليم الشريعة الإسلامية إلى حماية حقوق الإنسان وتوفير كل الضمانات التي تحول دون الاعتداء عليها أو المساس بها.
أقصد هنا الحقوق الأساسية وتحديداً في الحماية من العنف، والعدل، والمساواة.
قطعت السعودية تعهداً على نفسها أن تتبنى منع العنف ضد الطفل والمرأة على حد سواء. ليس هذا وحسب، بل وقّعت السعودية على عديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لحماية حقوق الإنسان، ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية منع العنف ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل، وغيرها من المعاهدات الدولية.
مع الأسف ما زلنا لم نطبق "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" التي وقّعنا عليها عام 2002، كما أننا لم ننجح بعد في إصدار "مدونة الأحوال الشخصية" رغم أنه تمت مناقشتها على مستويات عدة منذ عام 2002، وما زال نظام "الحماية من الإيذاء" يرقد في سبات عميق في أدراج مجلس الشورى منذ عام 2008.
العنف ضد الطفل والمرأة ليس من الأخلاق أو الإنسانية أو الإسلام، بل يتنافى مع هدي النبي محمد ـــ صلى الله عليه وسلم.
أما العدل والمساواة فهما يرسخان مبدأ ''سيادة القانون'' وتعزيز استقلال السلطة القضائية وفق أحكام المادة "46" من النظام الأساسي للحكم والمادة الأولى من نظام القضاء وتحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع فئات الشعب مع اختلاف نسبهم ومذاهبهم ومواقعهم. مع الأسف ما زلنا نسعى جاهدين لتقنين الأحكام القضائية عوضاً عن الاعتماد على اجتهادات القضاة التي قد تكون في بعض الأحيان متفاوتة وغير ملائمة وفي أحيان أخرى ربما تعسفية.
وجّه الملك عبد العزيز ـــ رحمه الله ــــ بتشكيل لجنة فقهية متخصّصة تتولى إصدار مجلة للأحكام الشرعية، ولكن رد فعل العلماء الأفاضل لم يكن إيجابياً. كما وجّه الملك فيصل ـــ رحمه الله ــــ عام 1393 هيئة كِبار العلماء بمناقشة تقنين القضاء فصدر قرار الهيئة بمنع التقنين وعدم جوازه. وفي 14 شعبان 1429هـ "16 آب (أغسطس) 2008" ناقشت هيئة كِبار العلماء تدوين الأحكام، مع الأسف النتيجة أيضاً لم تكن إيجابية.
أعلم أن وزارة العدل تسعى لتأسيس محاكم للأحوال الشخصية، لكن هذا لا يعني أن وجود المحاكم يغني عن وجود نظام للأحوال الشخصية أو أننا قضينا كلياً أو جزئياً على التعسف في حقوق الإنسان.
يجب ألا تقتصر جهودنا في ترسيخ قواعد وأطر حقوق الإنسان على تعزيز الوعي بحقوق الإنسان وتلقي الشكاوى، وزيارة السجون ودور التوقيف، وتعزيز التعاون مع الجهات الحكومية وغير الحكومية، بل يجب أن تتعداها لتطبيق حماية حقوق الإنسان كاملة على أرض الواقع دون تعسف.. بل بالعدل والمساواة.