دعم أبحاث الحج والعمرة يرتقي بتقديم الخدمات
اليوم هو الثاني عشر من شهر ذي الحجة من عام 1434هـ، حيث أدى الحجيج مناسك الحج ولم يتبق لهم إلا الاستعداد للرحيل، بعد أن سألوا الله أن يفوزوا بخروجهم من المشاعر مغفوري الذنوب كيوم ولدتهم أمهاتهم. من مكة المكرمة ومنطقة المشاعر، ومن مدينة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام تفوح نسائم المودة والرحمة التي تجذب الحجيج والمعتمرين والزائرين في كل عام ليعيدوا ويكرروا ما أدوه أو أن ينقلوا مشاعرهم لمن يليهم فيكونوا رسل خير ودعاة رحمة تجعل القادمين داعين الله وملبين ليغفر لهم ذنوبهم ويتمموا بذلك دينهم.
في هذا العام كل الجهات المعنية كانت تبشر في كل يوم منذ أن بدأ شهر ذي الحجة أن ضيوف الرحمن في أمن وأمان وصحة وعافية ولله الحمد. وبما أن الخدمات ارتقت لمستويات كنا نلحظ تطورها عبر العقود الماضية، فإن هذا لم يكن ليسجل لولا مشيئة الله - سبحانه وتعالى - ثم وقوف ولاة الأمر - يحفظهم الله - خلف كل قطاع وكل جهاز خادم ومساند بالدعم والمؤازرة وتوفير كل ما ييسر للحجيج حجهم وزيارتهم - بإذن الله -. فنسأل الله القبول في هذا العام وكل عام - بإذن الله -.
الآن وبعد أن جمعت الجهات ما جمعت من بيانات وحصر مقدمو الخدمة ما حصروا، جاء وقت الدراسة وتسجيل النتائج وطرح التوصيات ليكون التنفيذ في كل عام مبنيا على الدراسات السابقة كما عُهِد سابقا. من واقع البحث في موقع معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة الإلكتروني، فإن الدراسات والأبحاث المجازة لهذا العام لم تعرض بعد، ولكن كان للإعلام السبق في إعلانها "بتفاوت". من ذلك قد يكون من الأنسب أن يضع المعهد يده بيد الوسائل الإعلامية؛ فما يحويه من دراسات يمكن أن يولد لدراسات وأبحاث مستقبلية تمكن من فهم كثير من الظواهر التي يتحلى بها القادمون من أنحاء المعمورة.
لقد وجدت أن موضوع الدراسة الموسعة عن الأطفال المتخلفين في الحج سيكون مفيدا جدا إذا ما أجاب عن أكثر الاستفسارات التي وضعت ويمكن أن تنشأ خلال جمع البيانات. مع أن الكثير يعرف أن مثل هذه الدراسة تتوافر أجوبتها، سلفا، في مكة المكرمة والمدينة المنورة إلا أن ما لا نعرفه هو حجم المشكلة وحجم تأثيرها على هذا الوطن الكريم، الذي فتح أبوابه كلها وشرعها مستقبلا المعتمرين والحجاج على مدار العام ليؤدوا ما جاؤوا من أجله وهم مطمئنون. لا شك أن النتائج ستكون غزيرة، ولكن ننتظر التوصيات التي تحاكي الواقع وتكشف بشفافية أسباب تكرار حدوث المشكلة أو تنامي حجمها وتأثير ذلك على أداء المؤسسات المدنية والعسكرية من الآن فصاعدا. فبالتوفيق لهذا العمل المبارك - بإذن الله -.
من الطبيعي أن تكون هناك نقاط عديدة للدراسة لا حصر لها ولكن كما أعلن المعهد في موقعه، وهو صائب لحد كبير، في أن عدم التكرار والتخصصية في المواضيع الممكن تغطيتها هما من أكبر الاشتراطات في أداء أبحاث الحج. ولكن لنكون مساندين وداعمين حتى ولو بالكلمة، فإن دراسة مثل حصر أعمار الحجاج والجنس سواء من الداخل أو الخارج، ووضع خريطة تحدد فيها بلد القدوم، وتكرار الحدوث، وتوقيت الزيارة، وأماكن الإيواء، ومسار الحركة خلال فترة الزيارة، ستكون دراسة مجيبة عن أسئلة كثيرة ما زالت الإجابة عنها انطباعية أو ذوقية أو ما أشبه. من مثل هذه الدراسات يمكن أن نخرج بتوصيات تفيد أجهزة لا حصر لها، خصوصا إذا ما اشتملت المعادلة على عوامل مثل تأثير موسمي الصيف والشتاء. من ناحية أخرى، أي الدول أكثر التزاما وتقديرا للظرف، وأي الجنسيات في حاجة لتوفير خدمات من نوع معين، وأي الأيام نحتاج فيها إلى الاهتمام بمداخل ومخارج مواقع الإيواء .. إلخ؟ أسئلة لا حصر لها.
في جانب آخر يمكن أيضا البحث في أو دراسة تأثير القرارات الإدارية المفصلية التي تصدر قبل اكتمال دراستها، أو متأخرة في توقيتها، حيث تؤثر على قدرات مقدمي الخدمة وبالذات في المؤسسات المقدمة للخدمات المباشرة. هذا لأن وضع الخطط والخطط البديلة وتقدير آثارها يجنب الجهات المشرفة إصدار القرارات غير مكتملة الدراسة.
ما وجدته جديرا بدراسة من نوع آخر هو ذكر المعهد لشرط "توافر ميزانية للبحث" قبل إجرائه. ولأن وضع البحث العلمي في تصاعد إيجابي على مستوى السعودية والفائدة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية تتحقق على نحو فاعل ومؤثر، فإن دعم أبحاث الحج يتوقع أن يكون منقطع النظير طالما أنها مقدمة حسب الأصول العلمية الرصينة. هذا يقودنا لأن تتبنى الجامعات تخصيص ما نسبته 2.0 في المائة، على أقل تقدير، من ميزانياتها للبحث العلمي مع زيادة قدرها 0.1-0.2 في المائة سنويا. أما فيما يتعلق بجامعة أم القرى فلوجود المعهد في كنفها فقد تتوجه للاستفادة من 2.5 في المائة من ميزانيتها على أقل تقدير بزيادة سنوية تعتمد على تطور البحوث الجامعية وما يتعلق بمعهد خادم الحرمين لأبحاث الحج والعمرة. إذا ما أعيد استغلال الموارد، فأعتقد أن إجراء أبحاث الحج ستعتمد فقط على أصالة الفكرة ومناسبة الطرح والتوقعات الإيجابية للنتائج على مستوى تقديم خدمات الحجاج.