قطاع الخدمات.. «لا فات الفوت ما ينفع الصوت»
يُفترض أن يكون قطاع الخدمات أكبر القطاعات توظيفياً بالنسبة للسعوديين في السنوات الماضية والسنوات الـ 20 المقبلة إذا تمّ اتباع السياسات السليمة بعيداً عن السياسات الخاطئة المعيبة المتخذة حالياً. وتنطوي السياحة الدينية، على رأس هذا القطاع، على إمكانية أن تكون صناعة مستقلة بحد ذاتها.
بعيداً عن قطاع الهايدروكربونات، المملكة بعيدة كل البُعد عن تنويع مصادر الدخل. إمكانات السياحة الدينية في السعودية تعتبر إمكانات فريدة، وعلى المملكة أن تستفيد من هذا الموقع الفريد من أجل خلق الوظائف لفئة الشباب الذين يشكلون أكثر من 66 في المائة من المواطنين، وبنسبة بطالة 28.4 في المائة للذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً و40.1 في المائة للذين راوحت أعمارهم بين 20 و24 عاماً.
من الممكن أن تصبح السعودية اقتصاداً أكثر توجهاً نحو الخدمات إذا تم تطبيق أساليب تدريبية للمواطنين على الوجه السليم، وبعد ذلك حصولهم على رواتب وأجور مناسبة. تشكل السياحة نحو 5 في المائة من الناتج المحلي الاقتصادي العالمي، و30 في المائة من صادرات الخدمات في العالم، وتؤمّن 235 مليون وظيفة. ولولا التدريب السليم في سويسرا وكلياتها المختصّة في الإدارة الفندقية ذات المستوى العالمي، لما كانت سويسرا الوجهة المفضلة لكثير من السياح. تحصل فرنسا على 83 مليون سائح في السنة، لكن الولايات المتحدة تحصل على عدد أقل من ذلك بنسبة 20 في المائة مع أنها أنفقت على السياحة 126 مليار دولار، أي ضعف المبلغ الذي تنفقه فرنسا.
صحيح أن المناخ في السعودية ليس مثل بعض البلدان الأخرى نظراً لحرارة الجو والقوانين الصارمة، لكن لدى السعودية كثيرا من المواقع التي تستطيع الاستفادة منها. وهناك مواقع مهمة لمعارك تاريخية في مكة والمدينة والدرعية والحدود الشمالية ومواقع أخرى في الجنوب يمكن تطويرها لتكون مواقع سياحية يزورها السياح. لدى المملكة أراضٍ واسعة وتاريخ عريق وعظيم يمتد إلى أكثر من 1400 سنة، وهو لا يزال غير مستغل إطلاقاً.
السياحة الدينية، التي تنطوي على إمكانية اجتذاب أكثر من 1.6 مليون حاج وأضعافه من المعتمرين، هي مجال في حاجة إلى التطوير. وعلى مدى السنوات القادمة سيكون هناك المزيد من الطلب لزيارة المملكة.
لا تستطيع الحكومة القيام بكل ما يلزم لذلك، لكنها في حاجة إلى تطوير المواقع الأثرية والتاريخية العريقة في المملكة. لا بد من وجود البنية التحتية السليمة لاستيعاب المزيد من الزوّار الأجانب، إلى جانب نظام لوسائل النقل العام عالية الجودة و فنادق وشقق مفروشة ذات مستوى راق.
يعتبر الاستثمار المباشر الأجنبي أمراً ضرورياً من أجل ازدهار السياحة، خصوصاً بالنسبة لفنادق ثلاثة وأربعة نجوم. لكن لا يمكن القيام بأي شيء دون وجود نظام مرن لإصدار التأشيرات السياحية. ورغم أن الأمن سيظل دائماً يُستخدَم ذريعة لعدم إصدار عدد كبير من التأشيرات السياحية، إلا أنه يمكن تطبيق أنظمة لزيادة الحماية الأمنية. فالولايات المتحدة بلد يهتم كثيراً بقضايا الأمن، لكنه لا يزال مفتوحاً أمام 67 مليون سائح تعتبر أمريكا أنهم مأمونون ويمكنهم زيارتها.
تنويع مصادر الدخل بعيداً عن الهايدروكربونات يرد في كل خطة خمسية منذ عام 1970 ولم نر تنويعاً اقتصادياً حقيقياً. يستطيع أي بلد أن يتقدم استناداً إلى رؤية طموحة وهادفة، مع وجود السياسة السليمة والحوافز المناسبة. السعودية مطالبة باستخدام كل شيء لديها في سبيل التنويع بعيداً عن الاعتماد المكثف على إيرادات النفط.