بيئة العمل وتحفيز الموظفين
تسعى كل منشأة ناجحة إلى استقطاب أفضل الكفاءات البشرية، كما تحرص قيادة أي من هذه المنشآت على تطوير هذه الكفاءات والمحافظة عليها من خلال إيجاد بيئة عمل تتناسب مع تطلعات العنصر البشري فيها، بحيث يأتي الموظف إلى مقر عمله وهو في قمة الاستعداد للعمل وقد تهيأ نفسياً وعقلياً لإنجاز عمله بالشكل المطلوب. وهذا الأمر يجب أن يتساوى فيه جميع الموظفين بالشركة من أصغر موظف وحتى رئيس الشركة. وقد نجحت شركات كثيرة في إيجاد بيئة عمل مبتكرة تجعل الموظف يبدع في عمله وينتج بمستوى أكبر من الشركات التي لا تتوافر فيها مثل هذه البيئة. ومن الطبيعي أن تنعكس آثار ونتائج الكفاءة البشرية وبيئة العمل الجيدة المحفزة على نتائج أعمال الشركة مالياً. فعلى المستوى العالمي نجد أن شركة مثل جوجل أو مايكروسوفت تتربع على قمة الهرم في توفير مثل هذه البيئة، وقد انعكس ذلك على نجاحات هذه الشركات مالياً. وجميع الشركات الرائدة سواء عالمياً أو محلياً ترى أهمية العنصر البشري وإن تفاوتت درجة الاهتمام من شركة إلى أخرى حسب طبيعة نشاطها، فالنشاط الصناعي يختلف عن النشاط التجاري والخدمي. ولكن يظل العنصر البشري هو محور الاهتمام لجميع الشركات، مع اختلاف فلسفة كل شركة في الاستثمار في هذا العنصر الذي يعد للشركة بمثابة الروح في الجسد، فلا يمكن للجسد أن يعمل إذا لم تكن فيه روح.
وبالنسبة للشركات المهنية فإن العنصر البشري فيها لا يقل أهمية بل قد يزيد، فالخبرات التشغيلية في الشركات المهنية تعتمد كثيراً على الجانب الفكري والمعرفي، وبالتالي يكون تحقيق الدخل مرتبطاً بجودة الفكر والعمل، وتحقيق ذلك يكون مرتبطاً بالعنصر البشري، ما يؤكد أهمية هذا العنصر في الشركات المهنية.
ومن المهم جداً أن يكون لدى الشركات المهنية برامج تطويرية وتحفيزية للموظفين. بحيث يكون هناك استثمار في الموظف من خلال العمل على إيجاد آلية تطوير أداء وقدرات الموظف للارتقاء بدوره الوظيفي إلى درجة وأداء أرقى وأعلى. ويتطلب هذا الأمر إيجاد معايير واضحة لتقييم الأداء الذي يحدد نسبياً قبل بداية العام، ويراقب خلال العام، ويتم النقاش حوله مرتين خلال العام على أقل تقدير. مثل هذا التواصل يوفر وضوحاً للموظف ومديره، وهو أمر لا شك صحي، وبما أننا مقبلون على عام جديد بأمر الله فمن الضروري أخذ هذا الأمر في مكانه المناسب من حيث الاهتمام، وإذا كنا مطالبين بإحسان العمل وإتقانه كما في الحديث النبوي عن حبيبنا - صلى الله عليه وسلم: ''إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه''، فيلزمنا إذن بذل الوسائل اللازمة لإتقانه، التي من أهمها الرقي بأداء الموظفين.