تقليص مصادر التهديد الصحية والاقتصادية 2
بالطبع في كثير من دول القارات الثلاث الإفريقية والأمريكية الجنوبية والآسيوية تم استسهال الحلول الوقتية، التي ظهر فيما بعد أنها مكلفة ولا توفر حلولا مستديمة أو لأمد طويل. هنا بدأ المتنفعون في استغلال الفرصة وجعلوا عملية الوصول إلى حل مستديم مسألة تعترضها مشاكل عديدة والخوض فيها يعني تكبد خسائر أكبر. ساعد على ذلك المنظمات التي تنشر التقارير وتعتمد البرامج وتأخذ من الغني والقادر لتصرفه بأسلوب ذر الرماد على العيون. لقد بدأت المجتمعات المحلية تتساءل: هل نحن الآن أفضل أم أسوأ؟ ما ذنبنا في أن نتحمل اقتصاديًّا وزر آخرين ولم نتمكن أصلا من تحسين أوضاعنا وإصحاح بيئاتنا؟ كم نسبة التحسن؟ ومتى نتوقع الخروج من المأزق الصحي الاجتماعي بالكامل؟ وهل المستقبل يبشر بخير إذا ما تداركنا الموضوع من الآن وحاولنا الاستفادة من الماضي بوضع الحلول للمديين المتوسط والبعيد؟ هذا بالطبع نتيجته أن يتعثر الباحثون عن الحلول في خطاهم، وتبقى الدول الصناعية والمتقدمة تحظى بالمكافآت والجوائز العالمية لاكتشافاتهم التي جعلت المجتمعات حقولا بل فئران تجارب.
آن الأوان أن نغير هذا المفهوم على الأقل في محيط مملكتنا الحبيبة ثم الخليج. ثم من بعد ذلك ننشر ذلك عربيا وإسلاميا. نحن الآن لدينا العقول والكفاءات العلمية في معظم المجالات. ولدينا القدرة الاقتصادية التي يمكن أن نمول بها كل البرامج وبكل حصافة ورصانة ونزاهة. وبما أن القدرات سعودية وخليجية؛ فالآن يمكن أن نغير ملامح أوضاعنا المعيشية الاقتصادية والاجتماعية وبالطبع الصحية لنقلص ثم نلغي معظم المهددات الصحية والاقتصادية من حياتنا.
أولاً: تحفيز دور الإعلام ونشر قنوات للصحة العامة أو زيادة فترات التوعية في القنوات الإخبارية والترفيهية. وزارة الثقافة والإعلام وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وإدارات التوعية الصحية في الأجهزة المقدمة للخدمات الصحية لها دور كبير في تكثيف الرسائل اليومية وبالذات خلال الساعات التي يجتمع فيها أفراد الأسرة في مكان واحد.
ثانياً: الإسكان والعمران، وفي هذا الشأن سيكون لدى وزارة الإسكان ووزارة الشؤون البلدية والقروية الإجابة عن متى سيكون لكل المواطنين سكنهم الخاص المخطط له والمنظم والمصمم ليواكب متطلبات العيش الكريم وضمان البيئة الصحية فيه وفي محيطه. فإذا ما تم تحسين هذا الجانب؛ فلن يكون هناك إسكان بجوار مكب النفايات أو في ممر الوديان ومجرى السيول أو متاخم للتجمعات المائية غير الصحية. كما أن بالتخطيط المدني والعمراني الجيد سيكون هناك مستوصف يخدم كل مجموعة من السكان أو حيا بأكمله، وذلك حسب المعايير الدولية التي تنظم هذا الموضوع.
ثالثاً: نظافة البيئة، وفي هذا الكثير مما يمكن قوله والكتابة عنه ولكن بإيجاز يمكن القول إن وزارة الشؤون البلدية والقروية والهيئة العامة للسياحة والآثار والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة تقوم بالعبء الكبير للوصول بالمناطق السكنية أو الطرفية إلى أن تكون خالية من ملوثات البيئة الهوائية والمائية والبرية.
رابعاً: تحسين الدخول وتعزيز الموارد، حيث في هذا المنحى أتوقع أن يتم التجاوب مع مطالبات المختصين والمفكرين بأن تقدير قيم المرتبات للوظائف المختلفة في المواقع المختلفة يحتاج إلى إعادة نظر بوضع معايير للتقييم. أما من ناحية الموارد فإن دعم الشباب لإنشاء وتأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة وصيانتها عبر فترة من الزمن ماليا ومكانيا وإنتاجيا. وبالنسبة إلى القائمة فحمايتها وتسويق منتجاتها أو مخرجاتها العينية والفكرية سيكون له الأثر الكبير في تحسين الوضع الاجتماعي في كل منطقة، إذا ما تم الاهتمام بشكل عام وليس مناطقيا أو مركزيا.
خامساً: تحسين الصحة العامة، وهنا يأتي دور وزارة الصحة، ولكن فيها أيضا أدوار لجهات أخرى مثل قطاع التعليم العام والخاص أو الأهلي وقطاع الخدمات العامة بشكل عام. وبما أن القطاع الصحي يبذل جهودا كبيرة في السنوات الأخيرة فإن تنظيم الجهود وترقية الآليات والإجراءات هي ما تبقى لينعكس ذلك على المحصلة النهائية.
في الواقع إذا لم يكن لدينا إجابة علمية وعملية ومهنية ورقمية وزمنية لكل ما تم تقديمه؛ فهذا يعني أننا سنناقش الموضوع من الجانب الترفيهي، حيث سنجعل لأفلام هوليود تأثيرا موجعا ومخيفا بأن التغير المناخي هو سبب إشكالاتنا، وهو منحى غير صحيح. في الواقع بهذا المنحى نحن نصرف الأذهان عن استقرار المجتمع في إسكان منظم نظيف بعيد عن المستنقعات والملوثات قادر على الحصول على أفضل الآراء الطبية ومتتبع لكل التوصيات والرسائل التوعوية الصحية. كما أن صرف الأذهان عن التهديدات والأخطار الحقيقية فيه تجهيل للناس عن التعرف على كيفية التعامل مع أهمية التغذية الصحية الصحيحة والقيام بالأنشطة الرياضية وتعميمها ونقل المعارف للأبناء ثم الأحفاد لتكون التنمية فعلا مستدامة.
في مملكتنا الحبيبة نريد القضاء على الملاريا والليشمانيا وباقي الأمراض المستوطنة والمعدية ونواجه الجوائح الوافدة. كما نريد مجتمعا صديقا للأمراض المزمنة وخاليا من التدخين، إلا أن ذلك كله لن يتم إلا إذا كان التوجه نحو تحسين الوضع البيئي والأنماط المعيشية والوعي الفكري. وهذه الدعوة ليست فكرية فقط؛ فالميدان لا بد أن يرى حراكا فعليا في هذا الاتجاه لتكون تقارير إنجاز القطاعات مرآة فعلية لما يجري على أرض الواقع.