منطقية توفيق الربيعة

لا طريق أقصر من الطريق المستقيم، فاللف والدوران والتلميح لم يعد يتقبله القارئ الذي أصبح يؤمن أن أفضل الكلام وأبلغه ما قل ودل. كما أنني أحب أن أوضح شيئا مهما وهو أنني أنتمي لأصحاب الأعمال أو التجار أو سم هذه الفئة ما شئت. أنا أكسب قوتي من الصناعة والبيع والشراء وليس من الوظيفة. أكثر ما يتعرض له أمثالي هو القوانين والتنظيمات التي تصدرها الوزارتان الأكثر جدلا في بلدنا وهما وزارة العمل ووزارة التجارة والصناعة. دعونا من وزارة العمل الآن، ولنبق مع التجارة ووزيرها توفيق الربيعة، ولا أريد هنا أن أقارن الدكتور توفيق بأي وزير آخر لكيلا يكون أثر هذا المقال سلبيا من جهة وإيجابيا من جهة أخرى. منذ تولي الدكتور الربيعة حقيبة التجارة والصناعة، وهو أكاديمي ومن أسرة تجارية وله خبرة وأثر كبير في المناصب الحكومية التي شغلها قبل وزارة التجارة، ومنذ ثلاثة أعوام وهو عمر الوزير توفيق الربيعة، وهو ينتقل بقفزات عالية ورشيقة وموفقة في وزارته بشقيها التجاري والصناعي. ومن خلال ما فعله خلال هذه الأعوام الثلاثة، أستطيع أن أكتب عن أفعال الربيعة وليس عن أقواله، وسأقرأ هذه الأفعال من زاويتي كصاحب عمل وكمستهلك في الوقت نفسه.
أرى أن كل ما فعله توفيق الربيعة هو بناء السوق المنطقية، السوق العادلة، السوق المفتوحة، سوق الفرص. فتح توفيق الربيعة السوق للمواطن والمقيم على مصراعيها، سهل إجراءات الوزارة وأتمتها – جعلها إلكترونية – حتى أصبحت الوزارة أشبه بالشركة وليس بالدائرة الحكومية. وأقول ومن خلال تعامل مباشر مع الوزارة بشقيها الصناعي والتجاري إن الوزارة فرشت الطريق السهل أمام من يريد الدخول للسوق كمؤسسات وكشركات أو مصانع بشرط واحد، وهو أن تتحرك ضمن قوانين السوق النظيفة، السوق التي تضمن تكافؤ الفرص، سوق القوانين المنطقية، وهذه الرؤية لا يلتزم بها إلا صاحب الإرادة الجادة والحس الوطني، أي أنك تستطيع التكسب من خلال التجارة أو الصناعة ما دمت لا تتعدى أو تسبب الضرر لأحد، ولا أفضل من مداهمة المعامل التي تزيف المنتجات أو تنتج دون ترخيص كمثال على حماية الوزارة للتجار والصناعيين. هذا لا يعني أن الوزير أو الوزارة معصومان عن الخطأ، وهذا لا يعني أيضا أنني لا أشعر أن هناك ما يجب إصلاحه في الوزراة في أحد جوانبها، إلا أن منطقية ومنهجية الوزارة تجبر أي شخص منطقي أن يحترم الوزارة وموظفيها، فلا أحد يستطيع مواجهة المنطق بالصراخ. أما من زاويتي كمستهلك، فأجد أن توفيق الربيعة أول من وضع أولوية للمستهلك أمام الشركات الكبيرة، التي مع الأسف لم تكن تولي عملاءها أي اهتمام في خدمات الضمان وخدمات ما بعد البيع.
توفيق الربيعة وضع المستهلك أولا، وأعطاه حقوقه، ووقف بالمرصاد للتضليل والعروض الوهمية التي يقوم بها البعض. وقف توفيق الربيعة أمام جميع التجار صغارهم وكبارهم ليقول إن لهذه السوق قانون يجب أن يحترم، ومن لا يحترم هذا القانون سيعاقب أمام الملأ، وأن سياسة (مشي حالك) انتهت.
لهذا كله ولأكثر مما ذكرت، أحب الناس توفيق الربيعة، وكما يقال (الناس أسراء من أحسن إليهم). توفيق الربيعة لم يخترع القوانين، كل ما فعل الرجل هو تفعيل القانون التجاري والصناعي السعودي تنفيذه على الأرض بحذافيره أمام الناس، وهذا ما شكل عامل الثقة لدى المستثمر والمستهلك في الوقت نفسه في عدالة السوق، ونظاميتها وتنافسيتها المتوازنة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي