نحو توسيع الصلاحيات للتنفيذيين
تعتبر مرحلة التغيير من أهم وأصعب مراحل الإصلاح والتطوير الإداري في أي منظمة حكومية أو منشأة تجارية، فبعد إدراك الخلل أو الفساد أو ضياع التوجه، تأتي مرحلة إيجاد الحلول لإعادة صياغة اتجاهات المنظمة أو الشركة للنجاح في تحقيق الهدف الذي من أجله وجدت هذه المنظمة، إلا أن تطبيق الحلول عبر التغيير والإصلاح هو أكبر عائق يقف أمام الإدارة الجديدة التي تتولى إحداث هذا التغيير أو هذا الإصلاح، وحتى لو كان من سيطبق هذا التغيير هي الإدارة نفسها وبالأدوات نفسها، فإن إدراك الإدارة العليا للمنشأة – الحكومية والخاصة – للحل لا يعني بالضرورة تبني جميع الطبقات والمستويات الإدارية لهذا الحل، ولأن مهمة الإدارة العليا عادة ما تكون التوجيه ووضع استراتيجيات التغيير، إلا أن من يقع على عاتقه تحقيق التغيير هي المستويات الإدارية الوسطى والدنيا، ولهذا نجد أن نسبة النجاح في تحقيق التغيير والإصلاح والتطوير عادة منخفضة، ونجد أن القياديين الذين ينجحون بالتغيير يشار إليهم بالبنان ويحققون صيتا وشهرة كبيرتين.
إن عامل نجاح التغيير في الشركات الخاصة يعتمد على سهولة الإحلال والتغيير في المناصب، لأن حق التغيير يعتبر حقا أصيلا لملاك الشركة أو المؤسسة، ويعتمد أيضا على وضوح الهدف الرئيس للشركة وهو تحقيق أرباح معينة عبر تقديم مستوى جودة معين. أما في المنظمات والهيئات الحكومية، فيعتبر التغيير أصعب بكثير نظرا لعدة أمور. فتغيير وزير أو مدير عام هنا أو هناك لن يجعل هذه الإدارة الحكومية قادرة على النجاح والتطور، لأن العمل الحكومي محكوم ببيروقراطية وتسلسل إداري معقد وصعب الاختراق. وإحداث التغيير يتطلب تحقيق اختراق في هذا النظام البيروقراطي للوصول إلى المفاصل المهمة في هذا النظام، التي يتحقق من خلالها التغيير الحقيقي الذي ينعكس على المواطنين أو المستفيدين من هذه المنظمة أو الإدارة أو الوزارة.
ومن خلال التجارب الإدارية العالمية، نجد أن التغيير الحقيقي تم ويتم عادة ليس فقط بتغيير الرؤوس الإدارية، لأن المستوى الإداري المتوسط في المنظمات الحكومية يعتبر هو المفتاح لتطبيق التغيير على أرض الواقع، فكثيرا ما يتم إجراء تغييرات حكومية، إلا أن التغيير على أرض الواقع يظل محدودا جدا، وهذا يعود لمحدودية سلطة المسؤول التنفيذي أو المدير في تغيير المستويات الإدارية المتوسطة والدنيا التي يعتمد عليها في تحقيق الإصلاح ومراقبته وتصحيحه وتوجيهه الاتجاه الصحيح، وفي معظم حالات الإصلاح بشكل عام يكون الخلل في هذه المستويات الإدارية التي تقاوم التغيير مقاومة شرسة لتحافظ على مكتسباتها.
إن توسيع صلاحيات التنفيذيين في النظام الإداري وإجراء التغييرات على المستويات الإدارية كافة يعتبر مطلبا ملحا؛ لأن التنفيذي، لم ولن يستطيع تحقيق ما هو مطلوب منه وهو مكتوف اليدين ومكبل بقيود البيروقراطية.