‏‫‬قوة الكلمة ..

تأمل:
كلمة واحدة كفيلة بأن تنهض بك، وكلمة أخرى كفيلة بجعلك تسقط وتتهاوى!
..
إن الكلمات كالصناديق التي نستودعها في قلوب الناس وهي الجسور التي نبني بها ونكون من خلالها العلاقات، وهي التي تعبر الروح ببساطة إلى الأرواح فإما أن تزهر داخلها وإما أن تُحرق وتحترق!
إننا كثيرًا ما نغادر عوالمًا وبشرًا بسبب كلامهم، وذاك لا يعني أبدًا أننا سطحيين لدرجة أننا قد نترك شخصًا ما بسبب "لسانه" الذي لا يمنحنا سوى الأذى الداخلي والألم المستمر والذي يقابلنا به كلما جلسنا إليه أو إلتقيناه، ونجده ينزع لحظات الصفاء الداخلية التي نعيشها بكلمة واحدة..
أُصدّق كثيرًا أنك لن تتأذى ولن تتألم مالم تسمح أنت للشخص الآخر أن يفعل بك هذا، لذلك يمكنك أن تحافظ على مزاجك وشعورك عاليًا مهما قيل لك ومهما تعامل معك من حولك بأسلوب موجع..
ولكن قد تضيق بك الحياة حين تعيش برفقة شخص يستقبل صباحك بكلام جارح، ويدثر ليلك بكلام أشد جرحًا وإيلامًا.
هناك أشخاص قد تستطيع تجاوزهم ببساطة لكونك لا تلتقيهم إلا مرات معدودة في حياتك فتستطيع أن تتجاهلهم لساعات بسيطة، ولكن حين يكون ذات الشخص يرافقك العمر كله فإنك لن تستطيع المواصلة برفقته، ولن تهنأ بمزاج رائق ولا بصباحات هادئة وستنسى لياليك التي ستصبح كوابيسًا بسببه.
دائمًا ما أقول: انتقِ كلماتك كما تنتقي أجمل ثيابك، لأنها سترتديك قبل أن ترتديها، وستُعرف بها وستعرف بك.
إن الكلمات كما الأقمشة لها خامة وجودة وأنواع ودرجات وسماكة ورونق وألوانًا لا تعد ولا تحصى.
لذلك لتجعلها ناعمة، رقيقة، زاهية، بهية، مبهجة، ودافئة، وحنونة، وحميمية، وقريبة، وصادقة وشفافة تلامس الروح بعمق يأسر كلّ من يعرفك ومن لا يعرفك ولكنه عرف عنك بسبب جمال كلماتك التي عرّفت بك بشكل رائع.
وأذكر اقتباسًا عميقًا للدكتور وليد فتيحي في مقالة له بعنوان "العنف اللفظي"، يقول بها ويؤكد ما يقوله علماء النفس:
"إن آثار العنف اللفظي أشد وأكبر بكثير من الألم الذي يحدث بعد عنف جسدي مرت عليه سنون أو شهور".
إنك لا تدري أين تذهب بك كلماتك، وأين تذهب بمن حولك،
إنك قد تنطق بكلمة واحدة فيتلقاها قلب يشعر بصدقها والحب المغلف بها فيتغير لديه ما لا تتوقعه أنت.
وإنك قد تنطق بكلمة واحدة في ساعة غضب فتهدم بها جدار قلب يحبك، وتحرق مدينة كاملة داخل روح من تحب..
لذلك لا ألوم والدي الحبيب حينما يكرر لي دائمًا:
"إياكِ وما يعتذرُ منه"، و"لا تتحدثي بحديثٍ تندمي من بَعْدِهِ غدًا"..
ما يعتذرُ منه بكلام قد أنطق به فأندم وأعتذر، وحديث قد أتفوه به فأعود لذاتي ندمًا قد لا ينفعني ما حييت.
وصيتي الدائمة لك ولي وللكون بأكمله هي أن تشعر بأهمية الكلمة وقوتها وقيمتها.
لتكن مؤمنًا بأن الكلمة اللطيفة والجميلة مهمة للغاية، وبأن النبرة رفيقة صدقها، فمتى ما كانت صادقة وهادئة وعميقة أصابت قلب من قصدته.
لا تستخسر أن تقول كلاما جميلا وطيبًا لمن تحب وللعالم من حولك، فلن تخسر أبدًا، إنما ستربح كثيرًا، وستكسب قلوبا لا تتوقع أنك استطعت أن تكسبها بسبب كلامك اللطيف والطيب.
جرب أن تستمتع في ممارسة اللطف في الكلام والتعامل مع الغرباء، ستدهش بذوبان مشاعرهم وتفاعلهم معك، إن قلوب البشر أرق وأبسط مما تظن، جربها في المطارات، والمحطات، والمتاجر، والمعاملات التي تتطلب وقتًا لتنتهي وغيرها من الأماكن التي ستجعلهم يعجلون لك ما تريده وسيمنحونك إنفتاحًا وابتسامة ودهشة لن تنساها وستجعلك تلازم كلامك اللطيف وستدمنه لترى ردة الفعل الجميلة.
ولكن قبل أن تكون رقيق الكلمة مع الغرباء كن رقيق الكلام لطيفًا مع من هم أولى من أهلك وأصدقائك وأحبابك..
كن ذلك الذي تذوب الحواس لكلماته والتي تشتاق الأرواح لمحادثته وتحن القلوب لمرافقته والقرب منه..
تذكّر دائمًا أن قوة الكلمة أكبر بكثير مما تظن وأن كلمة واحدة فقط كفيلة بحياة أو موت.
لكم مني رقيق الكلمات وأجملها، لَكَ أنتْ، لكِ أنتِ، لأرواح أحبها وأعرفها وأرواح أحبها دون معرفتي بها ولكنها تصلني بالحب، للكون والعالم أطرز جميل كلماتي لأعينكم، فلكم مني كل الأحرف التي تتزين حبًّا لكم، ولقلوبكم الطيبة سلامي الدائم..

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي