الموروث العربي ومبادرات الاندماج
كثرت في الآونة الأخيرة مبادرات الاندماج بين الشركات لما لها من مزايا وفوائد جلية كتخفيض التكاليف وتوحيد العمليات وتملك أسواق جديدة. الاندماجات تكون أكثر إلحاحا في الأسواق ذات المنافسة الشديدة كما حدث في السنتين الماضيتين في قطاع صناعة الحديد في العالم. معوقات مبادرات الاندماج كثيرة أهمها العوائق السياسية والثقافية التي عادة ما أدت إلى نتائج عكسية من فصل وتفكيك الشركات الكبرى في السابق. صناعة النقل الجوي في العالم ممثلة في شركات الخطوط الجوية تمثل أكثر الصناعات حركية في العالم لشمولية عملياتها جغرافيا وتعدد العوامل المؤثرة في عملياتها وعوائدها. ولذلك فإنها من الصناعات الأكثر ملاءمة لمبادرات الاستحواذ والاندماج. قد تكون بيئة الأسواق العربية الأسوأ حظا في الاستفادة من مبادرات الاندماج والاستحواذ بسبب واقع العالم العربي السياسي والموروث الثقافي، حيث يبحث الكل عن القيادة والهوية المستقلة. وما تفكيك طيران الخليج في السابق وتخلي مؤسسيها عنها إلا بسبب تأثير الموروث على إدارة الاقتصاد. واليوم وبسبب الأزمة المالية العالمية واقتراب دخول الاقتصاد العالمي في دورة كساد طويلة، تحاول الخطوط العالمية البحث عن مخرج في ظل التراجع الحاد في السفر الجوي من خلال تقليص التكاليف بالاندماج مع خطوط أخرى. حيث تناقلت وسائل الإعلام نية الخطوط البريطانية وخطوط (كوانتس) الأسترالية الاندماج لإيجاد أكبر خطوط تعمل في جميع القارات. وكنا قبل سنوات في مقال في هذه الزاوية، تنبأنا بحتمية اندماج طيران الإمارات وطيران الاتحاد في المستقبل القريب لتوافر جميع دوافع الاندماج في هاتين الشركتين. وذكرنا صعوبة نجاح ذلك بسبب الموروث السياسي والثقافي الذي يعوق إتمام تلك المبادرات. فقد ذكرت صحف عالمية قبل أسبوعين فقط رغبة ملاك طيران الاتحاد شراء حصة اعتبارية في طيران الإمارات الذي قد يواجه مشكلات في السيولة إن استمر تأثير الوضع الاقتصادي على دبي التي التزمت بمشاريع ضخمة من خلال عمليات تمويل قد تؤثر الأزمة المالية في اعتماديتها. طيران الإمارات بدورها نفت الرغبة وأكدت قوتها المالية بالرغم من توقيعها في السابق لأعداد كبيرة من الطائرات تصل قيمتها لـ 60 مليار دولار تقول إنها ستمولها من عوائدها التشغيلية المستقبلية. وعلى النقيض من دبي فإن أبو ظبي تمتعت بتراكم الفوائض المالية الضخمة في السنوات الماضية، حيث استثمرت بعضا من تلك الفوائض لشراء حصص في شركات عالمية كبرى والبعض لتمويل الطفرة التنموية التي تعيشها أبو ظبي الآن.