النقل الجوي العربي والعام المقبل

تميزت منطقة الشرق الأوسط والخليج بصفة خاصة بتسجيل أعلى معدلات النمو في حركة السفر الجوي على مستوى العالم خلال السنتين الماضيتين، حيث سجلت نسبة قاربت 20 في المئة في بعض المطارات. وكان ذلك النمو مدفوعا بالطفرة الاقتصادية التي تمتعت بها دول الخليج العربي جراء الارتفاع الكبير في عوائد صادرات النفط. وقد تفاعلت صناعة النقل الجوي مع هذه الطفرة، حيث تم رصد ما يقرب من 100 مليار دولار لتوسعة أساطيل الخطوط الخليجية وبناء مطارات جديدة عملاقة. حيث أتمت كل من خطوط الاتحاد وطيران الإمارات والخطوط القطرية والخطوط السعودية طلبات مؤكدة لشراء ما يقرب من 400 طائرة جديدة سيتم تسلمها جميعا في السنوات الخمس المقبلة. كما أن السعة الاستيعابية للمطارات الجديدة في جبل علي وأبو ظبي وجدة والقاهرة ستمكن المنطقة من التعامل مع 200 مليون مسافر في السنة إذا أخذنا في الحسبان مطارات موجودة وذات بنية تحتية متكاملة ولكنها لا تعمل إلا بجزء بسيط من طاقتها القصوى كالرياض والدمام وبيروت. الأزمة المالية العالمية بدأ تأثيرها في صناعة النقل الجوي في المنطقة، وهذا أمر طبيعي كون الجزء الأكبر يأتي من الرحلات الأوروبية والأمريكية التي أصابتها الأزمة المالية في مقتل. هذه الأصول الضخمة من الاستثمار يدعو إلى تبني منهجيات عمل جديدة للتخفيف ما أمكن من تأثير استمرار الأزمة للسنوات المقبلة وإدارة العوائد من خلال البحث عن أسواق جديدة. أولى هذه الأسواق هي حركة النقل الجوي بين الدول العربية التي كبلتها سياسات الاتفاقيات الثنائية الحكومية. فبينما تتعامل مطارات بمنهجية الأجواء المفتوحة كمطاري دبي وبيروت، فإن أغلب مطارات المنطقة في أمس الحاجة إلى مزيد من المسافرين ولكنها مكبلة بعوائق الإدارة الحكومية التي تضمن أنها تحمي الناقل الوطني، بينما يخسر اقتصاد دولتها ثلاثة أضعاف قيمة التذكرة للمسافر. الاتفاقيات الثنائية ستبقى طالما بقيت صناعة النقل الجوي، وخاصة المطارات، في يد الحكومات ولم تشملها الخصخصة أسوة بالمبادرات الضعيفة التي أتت ببعض الخطوط الخاصة. تحرير الرحلات الجوية البينية بين الدول العربية سيسهم في التغلب على جزء من التباطؤ الكبير المتوقع حدوثه في السنة المقبلة قبل أن تتحدد معالم ماهية الأزمة العالمية ومدة دورتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي