الخطوط السعودية واتخاذ القرار
بينما كانت شركات الخطوط العالمية والإقليمية تنعم بالعمل في بيئتها التجارية، كانت الخطوط السعودية تعاني عدم قدرتها على العمل بمنهجية تجارية ومن ثم صعوبة اتخاذ وتفعيل القرارات التي تتطلبها صناعة النقل الجوي ذات الطبيعة الديناميكية.
وازدادت معاناتها سنة بعد أخرى بسبب تأخر خصخصتها ووقوعها بين فكي الكماشة المتمثل بالترهل البشري من جهة وتناقص وتقادم طائراتها من جهة أخرى. وعندما كانت صناعة النقل الجوي تنعم بالازدهار في السنوات الخمس الماضية، لم تكن الخطوط السعودية قادرة على تحقيق أرباح صافية تتناسب مع حجم سوقها وتصب في خططها الاستراتيجية من إيجاد كفاءات جديدة وشراء طائرات حديثة ملائمة لوجهاتها الحالية والمقبلة. ومرت على الخطوط السعودية سنوات دون تغيير ملموس في إعادة هيكلتها وبدأ تأثير تقادم طائراتها في تردي جودة منتجها، حيث لجأت إلى الطائرات المستأجرة التي لا يتناسب الكثير منها مع الجودة التي تعود عليها الراكب. الخطوط السعودية لم تكن موفقة أبدا في إدارة أسطولها، حيث تحتل مرتبة متأخرة بين شركات الطيران في متوسط عمر الأسطول، وتتحمل دوما تكاليف إضافية بسبب تأخير إخراج طائراتها المتقادمة مما كبدها تكاليف تناقص قيمتها وتحويلها إلى خردة وثقل بيئي في مواقف مطاراتنا. دورة الكساد الحالية قد تكون مخرجا للخطوط السعودية إن نجحت هذه المرة في اتخاذ قرارات حاسمة واستراتيجية تتعلق بسرعة إخراج طائرات MD90 من الخدمة وإدخال الجيل الجديد من طائرات ايرباص أو بوينج ذات الممر الواحد. فالطائرة MD90 لم يتم اختيارها منذ البداية بناء على فاعليتها العملية والاقتصادية, والفرصة الآن سانحة للاستحواذ لاستبدالها بطائرات جديدة ذات فاعلية تجارية. حيث من المتوقع أن تؤدي دورة الكساد الحالية إلى توافر الطائرات الجديدة بأسعار ومواعيد مشجعة بسبب إلغاء الكثير من شركات الطيران لصفقات سابقة والبعض الآخر قام بإعادة جدولة مواعيد التسلم حتى تتضح معالم الخروج من دورة الكساد التي بدأت قبل أشهر. وينطبق هذا على أسطول الخطوط السعودية من طائرات الجامبو التي أصبحت قديمة وضعيفة الفاعلية التجارية بسبب تكاليف إسنادها العالية. الحصول على طائرات جديدة سيمكن الخطوط السعودية من التحول التدريجي للتشغيل التجاري حيث ستتمكن من زيادة رحلاتها وفتح أسواق جديدة.