تجار السرطان ينشطون في سوقنا المحلية دون رقابة
يقول أحد رجال الأعمال اللذين زاروا الصين لحضور أحد المعارض التجارية: عندما أسأل عن سعر أي سلعة معروضة في المعرض يرد عليّ بسؤال عن مواصفاتها هل هي بمواصفات الولايات المتحدة أم دبي؟ وهذا – والكلام لي - ربما يدل على أن دبي وجيران دبي وكثير من دول العالم الثالث مستهدفة بصناعات لا تتوافر فيها أدنى المواصفات المطلوبة، وأنا هنا لا أتحدث عن مواصفات جودة فقط، بل مواصفات الصحة في الدرجة الأولى، فلا يخفى على المستهلكين والمسؤولين أن سوقنا المحلية ممتلئة ببضائع كثيرة تضر بالصحة العامة وربما أنها سبب رئيس للإصابة بمرض السرطان وهناك سلع أخرى كثيرة لا تنطبق عليها مواصفات الجودة المطلوبة وبعضها تسبب في حدوث كوارث مثل الحرائق وغيرها.
لم تعد محال أبو ريالين وحدها من يسوق لتلك السلع الرديئة بل شاركتها كثير من المتاجر الكبيرة التي تمتلئ مطوياتها الدعائية بسلع لا يمكن أن تقبل في أسواق الدول المتقدمة.
السؤال التي يلح هنا: من سمح بدخول تلك السلع المضرة بالصحة العامة إلى سوقنا المحلية رغم وجود مختبرات للجودة النوعية كلفت الدولة ملايين الريالات تنتشر في جميع المنافذ الحدودية؟ هل تقوم تلك المختبرات التابعة لوزارة التجارة بدورها أم أنها تقوم بإجراءات شكلية لا غير؟ لماذا لا تركز تلك المختبرات على السلع المستوردة من دول مثل الصين والهند التي أغرقت سوقنا ببضائع رخيصة لكنها غير صالحة إما للاستهلاك أو الاستخدام؟ هل يمكن ربط وجود تلك السلع في سوقنا المحلية بانتشار أمراض السرطان؟
في الحقيقية لا أعلم سببا مقنعا يفسر لي دخول تلك السلع إلى أسواقنا فالأمر لا يقتصر على سلع محدودة فقط بل يشمل معظم السلع المعروضة على أرفف المحال والمتاجر.
إن رداءة السلع وضررها لا يحتاج إلى إجراء اختبارات في كثير من الأحيان فرائحة مادة البلاستك التي تصنع منها ألعاب الأطفال على سبيل المثال تدل على أنها مسرطنة، كيف لا تكون كذلك وألعاب الأطفال ذات المواصفات المتقدمة التي صنعتها الصين خصيصا لأسواق الولايات المتحدة اكتشف أنها كذلك.
عندما أعلنت هيئة الغذاء والدواء عن عدد من منتجات (الشامبو) وقالت إنها تحتوي على مواد مسرطنة تذكرت أنني استخدمت إحداها قبل أكثر من أربع سنوات وطيلة تلك المدة يستخدمها المستهلكون دون أن يكتشف أمرها، وشحناتها تفسح من مختبرات الجودة النوعية، وهذا لا يوجد له تفسير لدي سوى أما أن تلك المختبرات لا تقوم بإجراء الاختبارات اللازمة على تلك المنتجات أو أنها تقوم بإجراء اختبارات شكلية أو أن هناك فساد داخلها وجميع تلك الحالات تحتاج إلى وقفة من قبل الجهات القضائية والرقابية المختصة للتحقيق في هذا الأمر و معاقبة المسؤولين عنه إذا ثبت تقاعسهم عن أداء واجباتهم.
كتبت عن حقوق المستهلك مدة طويلة وطالبت بإنشاء جمعية لحمايته وبعد أن تحقق ذلك، قلت في إحدى المقالات أنني لو كنت مسؤولا في الجمعية لما ترددت في رفع دعاوى قضائية ضد كل من يثبت تورطه في الإضرار بالمستهلكين حتى لو كان جهة حكومية تهاونت أو أهملت في أداء واجباتها، وعلى رأس تلك الجهات وزارة التجارة التي دعمتها الحكومة بمبالغ كبيرة لإنشاء مختبرات للجودة النوعية ورغم ذلك تمتلئ أسواقنا بسلع ليست رديئة فقط بل ومسرطنة.
وفي ظني أن الجمعية الوليدة ينتظرها الكثير من العمل وتحتاج إلى جيش من المحامين المتطوعين للوقوف أمام ظواهر لا تعد ولا تحصى تضر بالمستهلكين على اختلافها، مثل ما حدث قبل أشهر في أزمة الحديد وتخزينه والآن في موضوع السيارات والضمانات الشكلية على السلع والدعايات المضللة التي تمتلئ بها الصحف ولوحات الشوارع، والاحتكار والإخلال بقواعد المنافسة والسوق الحرة .
لكن هل تستطيع الجمعية التي ما زالت بلا موارد مالية القيام بهذا الدور الكبير؟ وهل تتفهم وزارة المالية أهمية السرعة في تحويل المنحة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – لدعمها ؟ فالجمعية حسب معلوماتي لا تستطيع أن تدفع راتب السكرتير وهو الموظف الوحيد فيها.
دون إطلاق نظام للمحاسبة عن المسؤولية لن ترقى أعمال الجهات الحكومية للحد المأمول والمطلوب وهو ما تفتقده معظم الجهات الحكومية مع الأسف التي تركت الحبل على الغارب لتجار السرطان والموت بجني أموال ضخمة على حساب المستهلك المسكين، هل قلت مسكين، نعم أنه مسكين لأنه يعيش في غابة وحوش حارسها نائم في العسل نوما.