تمويل الطائرات في ظل الأزمة

خلال العقود الثلاثة الماضية، استثمر بعض من البنوك الخليجية في تمويل شراء طائرات لشركات خطوط عالمية. وكان لبعض البنوك السعودية الحصة الأكبر بين جميع البنوك في المنطقة، حيث أدرك الهامش الربحي الجيد والمخاطر المتدنية من شراء الطائرات ومن ثم تأجيرها بعقود طويلة على خطوط جوية منتقاة حول العالم. ولطبيعة القيمة الشرائية العالية للطائرات وخاصة ذات الحجم الكبير، فإن أغلب الخطوط الجوية تعمد إلى تمويل المؤسسات المالية لشراء أو تأجير تلك الطائرات. الأزمة المالية العالمية الحالية ألقت بظلالها على صناعة تمويل الطائرات، حيث من المتوقع أن تتقلص رغبة شركات تمويل الطائرات في الإقراض إلى 50 في المائة. وهذا يعني إلغاء نسبة كبيرة من طلبات سابقة ومؤكدة لشراء طائرات جديدة مما حدا بشركة (بوينج) و(إيرباص) إلى تخصيص خمسة مليارات دولار كتمويل لتثبيت الطلبات على طائراتها. وتحتاج السنة الحالية إلى ما يقرب من 100 مليار دولار للحفاظ على دفعات الطائرات المطلوبة، إلا أن الأسواق المالية لن تكون قادرة على تمويل هذا المبلغ الكبير في ظل الشح الكبير في السيولة النقدية. منطقة الخليج العربي تعد من الأسواق الأكبر نموا في العالم في صناعة الطيران من خلال مؤشرات نسبة نمو أعداد المسافرين في مطارات طموحة كدبي والدوحة وأبو ظبي وحجم التوسع في أساطيل شركات الخطوط الخليجية، حيث إن هناك طلبات مؤكدة لشراء نحو 300 طائرة جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة. هناك مشكلة حقيقية في الوفاء بتلك الطلبات، فالمؤسسات المالية الخليجية تأثرت بالأزمة المالية وإن لم يتم الإفصاح عن مدى تأثرها، فإنه حتما لن يكون لصناعة الطيران الهشة حاليا نصيب فيما تبقى من سيولة مالية. ويأتي إلغاء واحدة من الشركات الخليجية الثلاث - المتخصصة في تمويل وتأجير الطائرات – لأغلب طلباتها من الطائرات الجديدة ليعكس الواقع الصعب لتمويل توسع الخطوط الخليجية. ولو حافظ سوق السفر الجوي على نمو ولو بسيط وقررت الخطوط الجوية الاستمرار في خططها الاستراتيجية فإن عليها التفكير بحلول جديدة كالتمويل الإسلامي الذي بدوره أثبت ضعفه حتى في زمن الازدهار لعدم وجود صناع مؤهلين لإدارته وتفعيله. ولذلك فإن المستقبل القريب قد يخبئ عودة ثانية للخطوط الخليجية إلى المظلة الحكومية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي