السنة الحالية وصناعة النقل الجوي العربي
رغم مرور أشهر على الأزمة المالية العالمية إلا أن كثيرا من الدور الاستشارية العالمية لا ترى صورة واضحة لمستقبل هذه الأزمة وتفاقمها أو انجلائها للسنوات القريبة المقبلة. بالأرقام، شهدت التجارة العالمية وتدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الواعدة ذروتها في عام 2007 بقيمة تريليون دولار أمريكي. وتقول التقارير إن المؤشرات المبدئية للسنة الحالية تنبئ بانخفاض يصل إلى 80 في المائة وهي نسبة كبيرة مما يعني حدوث انهيارات في قطاعات مختلفة وستصيب حركة التنمية في مقتل خاصة الأسواق الناشئة كشرق آسيا وأمريكا. صناعة السفر الجوي والفنادق ستكون المتأثر المباشر نتيجة ضعف التعامل التجاري والتنمية الدولية البينية، حيث ذكرت منظمة الطيران الدولية (اياتا) أن صناعة النقل الجوي مقبلة على كساد لم ير مثيله منذ 50 عاما. ومن المتوقع أن تتأثر مبيعات درجات السفر الفاخرة كالأولى والأعمال للرحلات الدولية أكثر من غيرها نظرا لركود المشاريع جراء انهيار كثير من مؤسسات التمويل. علاقة تعثر المشاريع الدولية بصناعة النقل الجوي تدل عليها حركة الشحن الجوي أيضا التي تقلصت بنسبة 30 في المائة في سابقة لم تشهدها موجات الكساد عبر تاريخ صناعة النقل الجوي. حدة الأزمة المالية الحالية وجفاف الملاءة المالية للمصارف ومؤسسات التمويل أثرت وستؤثر في السنوات المقبلة في قدرة شركات الخطوط الجوية على تجديد طائراتها مما يضعها في وضع تشغيلي صعب وقد يؤدي إلى إفلاس وخروج شركات عديدة خاصة تلك الناشئة التي تنعدم لديها احتياطيات مالية. منطقة الخليج العربي التي تمتعت بأعلى معدلات النمو في قطاع السفر الجوي لن تكون بمنأى عن ردود الأزمة المالية العالمية إذ إن كثيرا منها يعتمد على رحلات السياحة والأعمال كطيران الإمارات. بينما ستكون حدتها أقل ضررا على الخطوط السعودية التي تنعم برحلات شبه مستدامة من الحج والعمرة والرحلات الموسمية ذات الكثافة العالية. الخطوط القطرية وطيران الاتحاد سيكونان الأقل تأثرا وإن تقلص حجم المسافرين نظرا للدعم الحكومي المباشر لهما. السنة الحالية قد تكبد الخطوط الجوية العربية خسائر تصل إلى 300 مليون دولار وسيكون تأثيرها أكثر في الخطوط التي تعتمد على الرحلات السياحية.