تحلية المياه بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح
في منتصف الثمانينيات أقامت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية محطة تجارب فريدة من نوعها لتحلية المياه بالطاقة الشمسية. ومع الأسف الشديد، وكما هو حال بعض مشاريعنا العلمية، تم التخلص من تلك المحطة التي كلفت الكثير وكان بالإمكان الإبقاء عليها كقاعدة لتطوير الأبحاث المستقبلية بدلا من إتلافها عندما لم تأت بالنتائج المأمولة. كانت تلك المحطة تعمل بفكرة إبداعية، حيث تقوم مجمعات شمسية ذات مرايا بتركيز أشعة الشمس نحو البؤرة التي يمر بها زيت لترتفع درجة حرارته عاليا. وتقوم مبادلات حرارية بنقل حرارة الزيت الحارة إلى الماء ليغلي بقوة ويقوم بدوره بتشغيل محرك بخاري. وبدوره يقوم المحرك البخاري بتشغيل دورة تبريد تقوم بتثليج مياه البحر تدريجيا لتنشأ كتل ثلجية قليلة الملوحة نظرا لاختلاف جزيئات الملح عن الماء واختلاف درجة تجمدها. ومن ثم تقوم آله بجرف قطع الثلج الطافية على السطح لتكون المياه التي تمت معالجتها من هذه المحطة. ومنذ ذلك التاريخ لم نسمع بمشاريع بحثية ملموسة تتناول جانب استراتيجي ومهم للمملكة وهو الماء، حيث نرى اليوم حقيقة واقعنا المخيف التي تمثلت في استقدام محطات تحلية على سفن تتنقل بين الموانئ! كثيرا ما نسمع عن خطورة شح المياه في منطقة الشرق الأوسط وأنها ستكون سببا لقيام حروب مستقبلية، ناقوس الخطر هذا يملي علينا التركيز على أبحاث لها علاقة مباشرة بمتطلباتنا الأولية ومنها الماء، وأن نترك أبحاث الخيال العلمي ذات الصدى الإعلامي الكبير. التجربة السنغافورية جديرة بالمتابعة والاستفادة منها دوما، فعلى الرغم من ملاصقتها لماليزيا ذات الموارد المائية الوفيرة، إلا أنها اختارت طريقا استراتيجيا يتمثل في امتلاكها موردا مستقلا من الماء، وتمكنت خلال فترة وجيزة من الزمن من تملك تقنية تحلية مياه البحار واستطاعت قبل سنتين من بناء محطة فريدة تتمثل في كفاءتها الاقتصادية والعملية. حيث لم تتجاوز تكلفة تلك المحطة 500 مليون ريال وتنتج 140 ألف متر مكعب باليوم بتكلفة لا تتجاوز ريالين للمتر المكعب. والمملكة أيضا غنية بطاقة الرياح التي أصبحت من الموارد المعتمدة للكهرباء في دول أوروبية كثيرة نظرا لتقنيتها بفعل علاقتها المباشرة بصناعة الطيران.