أدوات القيادة الاستراتيجية

تحدثت في مقالة الأسبوع الماضي عما يجب على القائد الجديد أن يحمل معه في حقيبته الإدارية في اليوم الأول في عمله الجديد، إذ يتعين عليه أن يحمل معه عددا من أدوات الاستفهام مثل: أين، وإلى أين، كيف، متى، ومن، وماذا، ولماذا. وفي مقالة اليوم سأوضح المضامين الإدارية وموقع كل أداة من هذه الأدوات ضمن الخطة الاستراتيجية للمنظمة.
إن التخطيط الاستراتيجي عملية إدارية علمية تهدف إلى نقل المنظمة من وضع حالي إلى وضع مستقبلي أفضل، لذلك يفترض أن يقوم القائد الجديد بإعداد خطة استراتيجية للمنظمة، بعد أن يحصل على إجابات للتساؤلات التالية: أين تقف المنظمة؟ وما رسالتها وقيمها وأنظمتها ومعايير الأداء والإنجاز فيها؟ ماذا تعمل؟ وما لا تعمل؟ ولماذا لا تعمل ما لا تقوم به؟ وأين تريد أن تكون في المستقبل؟ وماذا يجب عمله للوصول إلى الأهداف، وكيف ومتى تريد أن تصل إلى تلك الأهداف؟
إن الحصول على إجابة لتلك التساؤلات يمر بمراحل وخطوات، أولاها الإجابة عن التساؤل الخاص بواقع المنظمة ومركزها، من خلال تحليل البيئة الداخلية والخارجية، ومعرفة إمكاناتها المادية والبشرية والمعنوية، ومن الأفضل عند التعرف على البيئة الداخلية البدء بالتعرف على أثمن الموارد وهي الموارد البشرية (من2)، وذلك بفتح قنوات الحوار الهادف مع العاملين وتحفيزهم على التصريح بأفكارهم وانطباعاتهم ومشكلاتهم ومقترحاتهم، كل ذلك يجعل القائد يعي بخصائص العاملين ونواحي القوة والضعف في أدائهم ليرسم أفضل السبل لحسن استثمار مواهبهم وقدراتهم وتمتينها. ينتقل بعد ذلك لتحليل البيئة الخارجية، ويعد عملاء المنظمة (من 1) أحد أهم العناصر في البيئة الخارجية الواجب دراسة خصائصهم ومشكلاتهم وأماكن وجودهم وأسباب إقبالهم على خدمات المنظمة أو منتجاتها، ولا نبالغ إن قلنا إن المعرفة بهم لا تقل أهمية عن دراسة ومعرفة العوامل والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية والفرص والمخاطر التي تحيط بالمنظمة.
بعد تحليل البيئة الداخلية لمعرفة نواحي القوة والضعف في البيئة الداخلية، وتحليل البيئة الخارجية لمعرفة المخاطر والتحديات التي تحيط بالمنظمة يتمكن القائد من التعرف على مركز المنظمة الحالي بين نظرائها، وتحديد الفجوة بين هذا الوضع والوضع الذي تود أن تكون عليه المنظمة في وقت ما في المستقبل، وينتقل إلى مرحلة أو خطوة أخرى هي مرحلة صياغة رؤية المنظمة vision (إلى أين) التي هي بمثابة المشهد أو التصور المثالي العقلاني لما يمكن أن تصير إليه في المستقبل البعيد. وهذه الرؤية المستقبلية هي التي تقود عملية إحداث التغييرات في بيئة المنظمة المادية وثقافتها المؤسسية وسياساتها. يلي مرحلة صياغة الرؤية صياغة رسالة المنظمة mission (لماذا) فتحدد الرسالة الغاية الحقيقية من وجود المنظمة أو الدور الذي تقوم به في المجتمع والخدمات والمنتجات التي تقدمها لعملائها، والطريقة التي تقدم بها هذه الخدمات. بعد ذلك تأتي مرحلة صياغة أهداف المنظمة Goals (ماذا) يجب فعله لتحقيق الرؤية والطموحات المستقبلية، ويراعي أن تكون الأهداف واقعية وقابلة إلى الصياغة والقياس ومترابطة مع بعضها بعضا حسب أولوياتها، مما يمكن من تجزئتها إلى أهداف تشغيلية وخطط فرعية تنفذ من قبل مختلف الأقسام والوحدات في المنظمة.
القيادة الفاعلة ليست موهبة أو مهارة في تسيير العمل وضبطه، ولكنها عقلية استراتيجية وقدرات قيادية تستثمر نواحي القوة والتميز والقدرات والمواهب لدى العاملين، وتوظف الإمكانات المادية بكفاءة، وتوجه الممارسات اليومية صوب بلوغ الرؤية والأهداف المادية والمعنوية التي تنشدها المنظمة. فكم عدد القادة الإداريين الذين يمتلكون هذه العقلية يا ترى؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي