هل تخدم ثورة الاتصالات صغار المساهمين؟

[email protected]

نشهد في هذه الأيام تقدما علميا وثورة اتصالات غير مسبوقة مكنت منسوبي المؤسسات والشركات المتعددة الجنسيات من عقد المؤتمرات والاجتماعات من أماكن مختلفة في أنحاء العالم وأصبح بمقدور كل مسؤول أو متخصص المشاركة في أي اجتماع بكل يسر وسهولة من مقر عمله أو أي مركز إعلامي مخصص للمؤتمرات المرئية الحية Videoconferencing، فلماذا لا تستثمر الشركات المساهمة هذا التقدم ليتمكن أغلب المساهمين من المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة التي يدعو لها مجلس الإدارة في كل شركة مرة على الأقل في كل سنة. من المهم لكل من يملك أسهما في إحدى الشركات أن يشارك في قراراتها فهو حق قانوني كفله نظام الشركات، كما أن تخلفه عن المشاركة في نقاش مواضيع حيوية للشركة والتصويت على قراراتها فيه تفريط وضياع للحقوق، فالكثير مما يبحث في هذه الاجتماعات مثل المصادقة على التقرير النهائي لحسابات السنة المالية المنتهية وتقارير الأرباح والخسائر وإخلاء الذمة المالية لأعضاء مجلس الإدارة وتحديد النسب المزمع توزيعها من الأرباح أو إقرار زيادة في رأس المال وغيرها الكثير من المواضيع التي تستجد وتحتاج إلى موافقة الجمعية العادية أو الطارئة لا يعلم عنها معظم صغار المساهمين إلا من خلال الصحف مع أن ما يملكونه من أسهم مجتمعين يشكل في بعض الشركات أغلبية يفترض أن يكون لها تأثير في القرارات لأنها بلا شك قرارات في غاية الأهمية لملاك الأسهم لما لها من تأثير كبير في استراتيجية الشركات في كثير من الأحيان والذي بدوره ينعكس إيجابا أو سلبا على أسعار الأسهم أثناء تداولها في سوق الأسهم، فهل يعقل أن تقتصر المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة فقط من خلال الحضور إلى مكان الاجتماع شخصيا أو بإنابة شخص آخر بموجب نموذج توكيل تصدره الشركة لهذا الغرض؟
إن المملكة بلد كبير مترامي الأطراف مدنها الرئيسة التي تقع فيها معظم مقرات الشركات المساهمة تبعد عن بعض المدن مئات الكيلومترات مما يشق على المساهمين حضور الاجتماعات التي يدعو لها كل مجلس إدارة فيصبح الحضور في الغالب محصورا في فئة محدودة تكفي النصاب القانوني الذي يعادل 50 في المائة من المساهمين في كل مرة وربما أقل من ذلك لو تأجل الاجتماع للانعقاد للمرة الثانية بسبب عدم كفاية النصاب كما حدث أخيرا عندما دعي لاجتماع الجمعية العامة لبنك الإنماء، فما الحل إذا للتغلب على هذه الوضع الذي يتكرر حدوثه في كل عام؟ وأصبح الكثير من المراقبين يتساءلون: لماذا يتخلى الكثير من المساهمين عن حقهم في المشاركة في الاجتماعات والتصويت على القرارات التي تصدر حتى أصبح عقد اجتماعات الجمعية العامة مسألة شبه روتينية؟ موافقة المساهمين على القرارات هي النتيجة المتوقعة لكل اجتماع ومن النادر أن قررت إحدى الجمعيات عدم موافقتها على قرار من القرارات المعروضة للتصويت بسبب أن مجلس الإدارة مشكل في الغالب من كبار الملاك فأصبحوا شبه متحكمين في قرارات الجمعية العامة لأن صغار الملاك الذين يشكلون في بعض الشركات الأكثرية لا يشارك إلا القليل منهم بسبب بعد مقار سكنهم عن مكان الاجتماع فيحد هذا الأمر من تصويت شريحة كبيرة من المساهمين على القرارات.
نحن لا نطالب كل شركة حتى تشجع صغار ملاك الأسهم على المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة أن تنشئ لنفسها مركزا خاصا للمؤتمرات مجهزا بكل التقنيات اللازمة لعمل المؤتمرات المرئية قادر على الاتصال بأي مركز في المملكة ولكننا نتساءل: لماذا لا تكلف وزارة التجارة والصناعة الغرف التجارية الصناعية بتجهيز قاعات المؤتمرات التابعة للغرف في كل مدينة يوجد فيها مقر للغرفة بكل التجهيزات اللازمة لعمل المؤتمرات Videoconferencing على أن يتم تأجير هذه الخدمة على الشركات المساهمة بأسعار معقولة عند عقد اجتماعات الجمعية العامة العادية أو الطارئة، ليقوم بعد ذلك كل مساهم يرغب حضور هذه الاجتماعات بتسجيل اسمه في موقع الغرفة التي يقع فيها مقر سكنه فيتمكن من مشاهدة الاجتماع والاستماع لمناقشة البنود المدرجة في الأجندة ومن ثم التصويت على القرارات المتخذة بشأنها، يجب في زمن ثورة الاتصالات ألا نسمح لتباعد المسافات بين مدن المملكة أن تحرم شريحة كبيرة من ملاك الأسهم من مناقشة أعضاء مجلس الإدارة فيما أسفرت عنه نتائج الشركات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي