ولقضية زواج الصغيرات حل..!
بين قضية طفلة عنيزة التي زوجها والدها من رجل في عقده الخامس وهي لم تبلغ التاسعة من عمرها بعد, وقضايا أخرى مشابهة أثارت ضجة لا بأس بها في وسائل الإعلام منها على سبيل المثال لا الحصر قضية الطفلة شيخة (14سنة) وقضية الطفلة عبير (11 سنة), انشغل الجميع بالشجب والاستنكار أو التأييد والدفاع دون التفكير في إيجاد حلول منطقية مقبولة للخروج من هذه الدوامة التي دعت عدداً من الحقوقيين وبعض علماء الدين إلى توجيه نداء للسلطات للتدخل لمنع زواج القاصرات وتجريم إجبارهن على الزواج وسن قوانين لتحديد سن الزواج, لكن في المقابل هناك من رفض هذه الدعوات جملة وتفصيلاً بدعوى أن الرسول عليه الصلاة والسلام تزوج بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حسب ما يشير كثير من المصادر الإسلامية وهي بنت ست سنوات ودخل بها بنت تسع سنوات.
تبدو القضية شائكة, وتحتاج إلى التفكير بمنطقية بعيداً عن الصراعات والتصريحات التي لن تنفع الفتيات المنكوبات ولن تحل قضاياهن ولن تستطيع أيضاً تغيير مستقبل الفتيات اللاتي سيتحولن إلى ضحايا لمثل هذه النوعية من الزواجات عاجلاً أم آجلاً.
يا سادة يا كرام يا أبناء وطني من هواة التصريحات الصحافية, صدقوني أنه لا يجدر بنا أن نتحول إلى شعب مهووس بالكلام واستحلاب التاريخ والصراع على صفحات الصحف بينما تسقط ضحية جديدة كل يوم, فالمطلوب منكم تفعيل عقولكم لوضع مقترحات تتواءم مع الفكر الاجتماعي السائد وتنقذ صغيرات هذا الوطن في نفس الوقت, حاولوا أن تضعوا زر التشغيل في عقولكم على خانة (on) لدقائق وتخرجوا بمقترحات جديدة تسهم في حل هذه المعضلة, وسأبدأ أنا بذلك رغم أني أفضّل حالة الـ (off) مثلكم تماماً!
نعلم جميعاً أن هناك فئة كبيرة ترفض تحديد سن زواج الفتاة الصغيرة استناداً إلى آراء شرعية, ونعلم أيضاً أن شريعتنا السمحة ترفض الإضرار بالنفس تحت قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) فلماذا لانوائم بين الآراء الشرعية السالفة الذكر والقاعدة المعروفة ونخرج بحلول مقنعة؟
إن حجة الكثير من المعترضين على تحديد سن الزواج للفتيات تكمن في أن الفتيات مختلفات من الناحية الجسدية فمنهن من تصبح قادرة على الزواج فسيولوجياً في سن مبكرة جداً, ومنهن من لا يمكن أن تصل إلى هذه المرحلة إلا في مرحلة متأخرة ولا يهتم هؤلاء بالناحية النفسية مطلقاً رغم كل الأضرار النفسية التي قد تترتب على زواج الفتاة في سن مبكرة جداً, وتعلمون أن حكومتنا الرشيدة فرضت على جميع الراغبين في الزواج ذكوراً وإناثاً إجراء الفحوص الطبية اللازمة قبل عقد النكاح, وأعتقد أنه يمكننا الاستفادة من هذه النقطة بعد القليل من التطوير في سبيل إنقاذ صغيرات هذا البلد, بحيث يمكن اشتراط خضوع الفتاة المقبلة على الزواج التي لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها لكشف طبي عام يحدد إن كانت ناضجة جسدياً وبإمكانها الزواج أم أنه سيتسبب لها في أي ضرر صحي, كما يجب أن تخضع لجلسة (نفسية) تحدد بشكل واضح مدى الأضرار النفسية المترتبة على زواجها في هذه السن إن وجدت, ومن الضروري أن تلتقي الفتاة بإخصائية اجتماعية تدرس حالتها جيداً وتوضح مدى إمكانية تقبل هذه الفتاة الوضع الجديد ومدى معرفتها بكل تفاصيل الوضع المقبلة عليه ومدى مواءمة متطلبات المرحلة العمرية التي تعيشها بمتطلبات المرحلة العمرية للزوج, وفي حال وجود أي ضرر سواء صحي أو نفسي مترتب على هذا الزواج, لا تمنح الفتاة تقريراً طبياً يسمح لوليها بتزويجها, وفي هذه الحالة لا يمكن لمعترض أن يستند إلى رأي فقهي في اعتراضه, فمنع الضرر كما أشرت قاعدة شرعية واضحة, ويا دار ما دخلك شر!
أخيراً وفي حال اعتماد هذه الاشتراطات يمكنني أن أقول بلهجة إخواننا المصريين (ابقوا قابلوني) لو حصل ولي إحداهن على تقرير يؤيد تزويجها وهي في سن طفلة عنيزة وغيرها من الضحايا!