عرب ومسلمو أمريكا والإعلام العربي
صاحب ازدياد (وتأثير) فاعلية عرب ومسلمي أمريكا في انتخابات عام 2000؛ اهتماماً من قبل بعض وسائل الإعلام العربي. وعلى الرغم من تواضع ومحدودية ذلك الاهتمام إلا أن بث بعض البرامج المخصصة والموجهة لتلك التجمعات ـ من قبل بعض الفضائيات العربية - كان له الأثر الإيجابي. خصوصاً أن ظروف الانتخابات كانت قد ساعدت كذلك على تكتل وتوجه تلك الأصوات. حيث صوتت تلك التجمعات بكثافة لصالح جورج دبليو بوش وبذلك كان لها تأثير أكثر من ذي قبل في ترجيح كفة الانتخابات ولاسيما في بعض الولايات المهمة التي كان من ضمنها ولاية فلوريدا.
لقد تراجع دور الإعلام العربي في انتخابات عام 2004. بل كان هناك تأثير سلبي لبعض البرامج التي بثت من أكثر من محطة فضائية؛ حيث كانت تلك البرامج ترسل إشارات متعارضة ومتناقضة ساهمت - بجانب إرهاصات 11 أيلول (سبتمبر)- في تشتيت وتفريق تكتل الناخبين العرب. بهذا تفرقت الأصوات بين جورج دبليو بوش وجون كيري، وبالتالي تراجعت الإمكانية الترجيحية لأصوات التكتل، خصوصا إذا ما قورنت النتائج بانتخابات عام 2000.
لم يتبلور الشكل النهائي لدور الإعلام العربي في الانتخابات الحالية؛ والذي أتمنى أن يكون له إسهامات إيجابية، خصوصاً أن ظروف انتخابات هذا العام قد تكون أكثر ملاءمة لتكثيف وتكتل الأصوات العربية والإسلامية.
حسب آخر استطلاع عمل لصالح المعهد العربي الأمريكي AAI، فإن النسبة العظمى من الناخبين العرب مؤيدة للمرشح الديمقراطي باراك أوباما؛ ولو أن تلك النتائج تعد مبدئية ولابد أن تحسم بشكل أكبر بعد الانتهاء من المناظرات التلفزيونية التي بدأت أولاها هذا الأسبوع. في الوقت نفسه فإن هناك استطلاعات أخرى تشير إلى أن أغلبية الناخبين اليهود يميلون لتأييد المرشح الجمهوري جون ماكين؛ ولو أن أصوات اليهود لا تحسم بالعادة إلا بعد انتهاء جميع المناظرات وتبني المرشح الأكثر ميلا لتأييد مصالح إسرائيل.
لو استمر الوضع على هذا الحال فإن الفريقين سيكونان في اختبار فريد من نوعه في تاريخ الانتخابات الأمريكية. ولو انتصر المرشح المؤيد من قبل العرب والمسلمين فإن شوكة اللوبي الصهيوني ـ في الانتخابات الأمريكية - سوف تكسر ولأول مرة.
يبقى القول إن الخمسة وثلاثين يوما القادمة تعد بمثابة فترة حاسمة لكلا الطرفين؛ خصوصا أنها الفترة التي سوف تتضح فيها التوجهات النهائية. وقد يكون من الصعب حسم وتجميع توجه التكتل الإسلامي والعربي ما لم يكن هناك وسائل إعلامية مساعدة على ذلك.
بهذا فإن الإعلام العربي – ولا سيما الفضائيات- مرشحة للعب دور أكبر في هذا الاتجاه، وذلك من خلال تخصيص برامج تبث في أوقات تعد أوقات ذروة بالنسبة لتوقيت الولايات المتحدة ولا تعد كذلك بالنسبة لتوقيت المشرق العربي، خصوصا أننا نتكلم عن الأوقات التي تأتي بعد منتصف الليل حسب توقيت الشرق الأوسط.
رئيس قسم الدراسات العامة وأستاذ العلوم السياسية المساعد
جامعة الملك فهد للبترول والمعادن
[email protected]