مصانع الموت في السعودية!

[email protected]

من يشرب كل هذه الكميات من الخمور؟ هذا السؤال هو أول ما يتبادر إلى ذهن كل من يتابع مستجدات الصحف المحلية وهي تزف بشكل شبه يومي أخباراً تفيد القبض على عصابة من العمالة تخصصت في تصنيع الخمور في إحدى الاستراحات هنا أو هناك. والغريب أن الكميات المضبوطة غالباً ما تكون كبيرة جداً, بشكل لا يمكنني معه تصور أن هذه الكميات صٌنعت لكي تُسكب في أنابيب الصرف الصحي, فلابد أن هناك طلباً يقابل هذا العرض سواء كانت من أفراد العمالة الأجنبية أو حتى من بعض المواطنين الذين ابتلاهم الله بهذا الداء العضال.
إن مشكلة تصنيع وترويج الخمور التي تصنعها العمالة المخالفة في بلادنا وفي وسط أحيائنا السكنية لتكسب الملايين من وراءها لا تتوقف عند الأضرار الأمنية والاجتماعية التي تنشأ عنها فقط , وإنما المشكلة الحقيقية هي أن الأشخاص الذين يعمدون إلى تعاطي هذه (البلاوي) مخالفين أوامر دينهم , ومرتكبين مخالفة شرعية وقانونية توجب العقاب وإقامة الحد عليهم يجهلون أنهم يقدمون على الانتحار بسبب الأخطار الصحية الكبيرة التي تنتظرهم, فهذه الخمور وعلى الرغم من كون محتوياتها مجهولة المصدر فهناك من يؤكد أنها تُصنع من مياه الصرف الصحي, وهناك من يؤكد أن العمالة المجرمة التي تصنعها تخلطها بمواد كيماوية قاتلة, لتوهم متعاطيها بأنها جيدة الصنع, حتى أن الكثير من الأطباء في مستشفياتنا استقبلوا حالات خطيرة أصيب أصحابها بالعمى أو تليف الكبد أو حتى الوفاة جراء تعاطيها. وهذه ليست مزحة أبداً ويمكنكم التأكد من أطباء الطواريء في المستشفيات العامة الذين يحتفظون في ذاكرتهم بالكثير من الوجوه التي وقع أصحابها ضحايا لأولئك المجرمين.
إنني أتساءل عن دور وزارة الصحة المفقود في هذا الجانب, ألا يجب عليها أن تنظم حملات توعوية للناس عن الخطر الحقيقي المترتب على تعاطي هذه الخمور تحديداً, فالناس يعلمون جيداً أن تعاطي الخمر بشكل عام محرم في الدين الإسلامي, ويعلمون أيضاً أن هناك عقوبة شرعية مترتبة على هذا الفعل, كما أنهم يدركون الآثار الصحية لهذه العملية, لكن أغلبهم يجهلون أن تعاطي تلك الخمور التي تصنعها العمالة مشروع انتحار سريع لخطورة مواد تصنيعها و المواد الكيماوية القاتلة المضافة إليها فمنها مواد تسبب تلف العصب البصري وتليف الكبد بسرعة كبيرة، ومنها مواد قادرة على إتلاف خلايا المخ والكبد والكلى خلال ساعات!
دعونا نتحدث بصراحة.. إن كان هناك الكثير من معاقري الخمر المراهقين من أبناء هذا الوطن يتجولون في شوارعنا يومياً, فذلك لأن هناك أسباباً دفعتهم إلى هذا الطريق, إلى جانب سهولة حصولهم على قناني الخمر ولكنهم رغم ذلك يبقون أبناءنا وليسوا عصابة هبطت علينا من السماء ويجب علينا أن نحميهم قبل أن نحاسبهم ونجرمهم, والحماية يا سادة يا كرام لا تكون فقط بالقبض على العصابات التي تصنع لهم هذه السموم, بل حمايتهم تكون بتوعيتهم بالمخاطر الصحية المترتبة على تعاطيهم مياه الصرف الصحي المقطرة, وهذا واجب وزارة الصحة و وزارة التربية وغيرها من الجهات التي تستشعر مسؤوليتها تجاه هذا الوطن.
إن التعامل مع هذه القضية والعمل على إيجاد حلول عملية لها يجب أن يبدأ بالاعتراف بوجودها أولاً, فليس من المعيب أن يخرج وزير الصحة ويخبرنا بعدد مدمني الكحول الذين راجعوا المستشفيات خلال هذا العام, ومن ثم تعمل وزارته بالتعاون مع الوزارات الأخرى على وضع استراتيجية واضحة لتوعية هؤلاء الضحايا وسن قوانين رادعة للمتلاعبين بأرواحهم, فصناع الخمور المحلية القاتلة يجب أن يحاكموا كقتلة لا مخالفين للأنظمة فقط!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي