التصدر في الحصاد المر

لم أفاجأ وأنا أطالع تقريرا إخباريا صدر من فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في مكة المكرمة فحواه أننا نتصدر نسبة الحوادث المرورية على المستوى العربي حسب آخر إحصائية أعلنها الفرع عبر لقائه الشهري الذي عقده في مكة المكرمة الأسبوع الماضي والذي حمل عنوان "حوادث السيارات تنتهك حق الحياة والسلامة الجسدية "، وقد ذكر تقرير الجمعية أن عددا أصيبوا إصابات بالغة أو توفوا في بلادنا يصل عددهم جميعا إلى 42383 شخصا كأكبر إحصائية بين عدد من الدول العربية، حتى أن الدولة العربية التي جاء ترتيبها بعدنا، في الإحصائية وهي المغرب جاءت إحصائيتها أقل من نصف إحصائيتنا, إنها مصيبة عظيمة أن نتصدر في هذا الحصاد المر على قلوبنا، نسأل الله الرحمة للموتى والصحة والعافية للمصابين في بلادنا خاصة وفي جميع البلاد العربية والإسلامية التي شملها هذا التقرير, وهذا للأسف الشديد نتيجة القيادة المتهورة من بعض السائقين ـ هدانا الله وإياهم لكل خير ـ، وبعضنا لا يعتبر من هذه الحوادث التي يشاهدها ويسمع عنها صباح مساء وتكون التأثيرات وقتية، ثم سرعان ما يعاود بعضنا قيادته المتهورة التي ذهب ضحيتها شباب في مقتبل العمر من الجنسين وكذلك غيرهم من شتى الأعمار, وكلهم ضحايا لهذه الحوادث التي لم نجد لها علاجا، في ظل تعنت السائقين من شبابنا لأنهم الأكثر تعرضا لهذه الحوادث حسبما أعلم من إحصائيات سابقة، ولم تنفع تلك الإرشادات المتعددة التي وضعتها الإدارة العامة للمرور في المملكة والإدارات التابعة لها في شتى مدن ومحافظات المملكة في الحد من هذه الحوادث، ونحن نأمل أن يتنبه من يقود السيارة إلى ضرر السرعة, وأنه ليس بمقدرته على الدوام التحكم في سرعتها، وأنه إذا أنجاه الله مرة أو اثنتين أو ثلاثا أو غير ذلك فإنه قد يكون في مرة أخرى سببا في هلاك نفسه بإدمانه السرعة، ولعل الذين يرتادون الطرق البرية باستمرار يلمسون ذلك الزخم من الشباب تحديدا الذين يقودون سياراتهم بسرعة جنونية، ولعلي أنقل لمثل هؤلاء فتوى لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ ولسماحة المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ تؤكد أن الذي يقود سيارته بسرعة جنونية ويموت على ذلك فهو كالمنتحر ـ أعاذنا الله وإياكم من ذلك ـ، لذا فإن على كل شخص يقود سيارته أن يضع في اعتباره أن نهايته قد تكون على يدي نفسه باستمراره في هذه القيادة، وأن عليه أن يقود السيارة بسرعة معقولة ليس فيها خطورة على حياته، كما أن عليه أن يعلم بأنه عندما يقود سيارته بتلك السرعة وبمعيته ركاب آخرون فيتعرض لحادث ـ لا قدر الله ـ قد يكون هو سبب موتهم في حال سرعته، فالواجب على الإنسان العاقل أن يعرف حجم هذا الخطر، وأن يحرص على تجنب ذلك، وليس هناك أجمل من السلامة على قلب الإنسان بالقيادة المتأنية التي تبعده عن مثل هذه الأخطار ـ نسأل الله السلامة للجميع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي