حيوية النفط تبقيه الأساس دائما
استمرت الوتيرة الضعيفة للأسواق عالميا من العملات، للأسهم، للسلع ولتكهنات الزيادة والخفض في أسعار الفائدة من البنوك المركزية حول العالم، وبكل تأكيد الفيدرالي الأمريكي الذي دخل مرحلة نقاش حادة علنية بينه وبين الرئاسة الأمريكية. هذا التذبذب طبيعي إذا ما أخذت الظروف الحالية في الحسبان، والمراجعة المستمرة لبيوت الخبرة لمعدلات التغيير في التجارة الدولية بين الاقتصاديات العالمية وتحديدا بين أمريكا والصين.
حتى أن التقديرات الصادرة عن مراكز الخبرة هذه تباينت في تقييم الأثر فهناك تقديرات تشير إلى أن استمرار هذا العناد في الرسوم الشمولية قد يكون أثره انخفاض حجم التجارة البينية بين أمريكا والصين إلى 80% وهذا معدل مخيف ويقلب الموازين إذا تحقق كون أن الاقتصادين يستندان على بعضهما البعض في تعزيز الطلب على السلع المنتجة في كل اقتصاد فحجم التبادل التجاري بين الاقتصادين يبلغ 583 مليار دولار أمريكي مقسمة إلى 439 مليار دولار واردات صينية إلى أمريكا و144 مليار دولار أمريكي تمثل الواردات الأمريكية إلى الصين.
يعد الذهب أحد الإشارات الهامة لمدى قلق المستثمرين والمتعاملين في الأسواق من حالة الاقتصاد كونه الملاذ الآمن للأموال في مثل هذه الظروف وكذلك قراءة توجه السندات وخصوصا السيادية ويبقى الذهب الأكثر متابعة، الذي سجل مستويات قياسية تاريخية خلال الفترة الماضية متجاوزا 3,350 دولار للأونصة الواحدة.
تحت الضغط الحالي لكل الإجراءات التجارية القائمة وتحديدا الرسوم ستكون الدول أكثر حمائية لاقتصاداتها بما يقلص أثر هذه الحرب التجارية فليها بما ينذر بأن تكون التوجهات الاقتصادية أحادية التخطيط، ما سيهدد بدورة أثر التناغم في التجارة البينية بين الدول عالميا ويؤثر على تناغمها بشكل ملموس.
يعد النفط السلعة العالمية الأهم فمنه تنتج الطاقة وتعمل المصانع وتتحرك وسائل النقل حول العالم، سلعه حيوية لا يمكن الاستغناء عنها ورغم حيويتها كسلعه إلا أن أسعار النفط تراجعت منذ إقرار الرسوم بنسبة اقتربت من 11% لخامي برنت وغرب تكساس وبجانب هذا التراجع قامت البنوك الاستثمارية بتعديل تقديراتها لمتوسط أسعار النفط خلال العام 2025 و2026 إلى ما يقارب 65 دولارا للبرميل ما يشير إلى أن متوسط سعر النفط في العام الحالي سيكون أقل بمقدار 20%-25% عن العالم 2024 وأعلى من ذلك للسنوات 2023 و2022.
جاءت هذه التعديلات في تقديرات السوق النفطية بين سببين هامين الأول الحرب التجارية والطلب على النفط والآخر توجه أوبك إلى زيادة الإنتاج النفطي بما يعزز قدرتها التنافسية للإنتاج والبيع. بالرغم من كل هذا التغيير في التقديرات للمعروض النفطي تشير إلى أن الفائض من العرض سيزيد بمقدار 150 ألف برميل يوميا من أصل 103.6 مليون برميل يتم انتاجها يوميا.
هذا الفائض في المعروض يمثل زيادة بنسبة 25% عن الفائض الحالي ويأتي التوتر الأساس من استمرار ارتفاع فائض المعروض إلى 1 مليون برميل في العام 2026 ما يعزز زيادة حدة التنافسية على الحصص السوقية.
للمعروض النفطي أثره في حركة أسعار النفط إلا أنه لا يستمر طويلا فلو أخذت بيانات لدورات سعرية كبرى لوجد هذا الأثر يمثل لمحات سريعة من تاريخ الدورات السعرية إلا أنها لا شك تترك بصمتها الآنية على حركة السوق وفي التاريخ كان أعلى معدلات الفائض في المعروض النفطي قد كانت خلال كوفيد – 19 وفي الأزمة المالية الآسيوية وثروة النفط الصخري إلا أنها في عمر السلعة وحيويتها ومضة في حركة طلب كبير.