أقسام الإكراه (2)

بينت في المقال السابق النوع الأول من أنواع الإكراه وهو الإكراه الملجئ والآن أبين النوع الثاني من أنواع الإكراه, وهو الإكراه غير الملجئ
وذلك بالإكراه بإتلاف ما دون النفس أو إتلاف أحد الأعضاء أو المال الكثير.. وهذا النوع يتمكن المُكرَه من الصبر عليه من غير فوات, فهذا لا يوجب الإلجاء والاضطرار ويكون التهديد فيه بالحبس أو القيد ونحوه مع حفظ النفس والمال, والصبر عليه من أفضل الأعمال ودليل الصدق والاحتساب، وبتأمل واقع فئام من الناس اليوم تجد عندهم توسعا في مصطلح الإكراه, فيجعل رغبة الزوجة أو الأولاد إكراها واتباع شهوة النفس وهواها إلجاء, فيُستحلُ كثير من المحرمات وتترك الواجبات بدعوى الإكراه وهذا من تلبيس إبليس وحججه الواهية فإن الإكراه المبيح للمحرم هو الذي يكون فيه فوات النفس بالهلاك أو الأعضاء بالتلف من قادر على فعل ما هدد به, أما الضرب والسجن ونحوهما فلا يبيح ما حرم الله إلا إن طال أمده ولم يترتب على الإكراه إلحاق الضرر بالآخرين أو انتهاك حرماتهم والاعتداء على أموالهم, فلكل حالة قدرها والأمر كلما ضاق اتسع، والاضطرار لا يبطل حق الغير ويختلف الإكراه عن الضرورة, فالضرورات تبيح المحظورات مطلقا بخلاف الإكراه فقد يبيح الفعل وقد لا يبيحه, وإذا كان الإكراه على تصرفات قولية كأن يكره على الإقرار أو الطلاق فالصحيح أن تصرفات المُكرَه القولية باطلة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا طلاق ولا إعتاق في إغلاق" رواه أحمد وأبو داود, والإغلاق هو الإكراه وأما الإكراه على الأفعال فعلى ثلاثة أقسام:
الأول, ما يباح بإكراه: كالإكراه على أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وشرب الخمر.
الثاني, ما يرخص فيه بالإكراه من غير أن تسقط حرمته: كالإكراه على الصلاة إلى الصليب أو إتلاف مال مسلم فيرخص في فعلها في الأظهر عند الإكراه الملجئ.
الثالث, ما يحرم الإقدام عليه مطلقا كقتل النفس والزنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي