المرض من أسباب الترخص
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
فيما مضى بينت أربعة من أسباب الترخص عموما وهي: الضرورة والمشقة والسفر والإكراه، وهنا أبين بإذن الله السبب الخامس من أسباب الترخص وهو المرض يإجمال.
والمرض عند أهل اللغة يعرف بأنه إظلام الطبيعة واضطرابها بعد صفائها واعتدالها، وعند علماء الفقه عرف بأنه حالة للبدن خارجة عن المجرى الطبيعي وهناك نوع من الأمراض يسمى مرض الموت وهو ما حكم أهل الطب بأنه يكثر الموت في مثله ولو لم يغلب. والمرض يعد سببا من أسباب العجز التي تمنع الإنسان من أن يفعل كثيرا مما يريد فعله مما يفعله السليم, لذا كان من حكمة الله أن جعل المرض سببا للترخص وشرع العبادات على المريض بقدر تمكنه وطاقته قائما أو قاعدا أو مستلقيا, والمرض لا يسقط التكليف بالعبادات فالمريض مطالب بجميع التكاليف الشرعية لبقاء الإدراك والعقل ولكن تحفف عنه بقدر طاقته وتمكنه, فالتيمم أباحه الله للمريض وإن كان الماء بجواره إذا شق عليه استعماله قال تعالى: "وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه" فيباح للمريض أن يتيمم للخوف والمشقة والأذى لعدم قدرته مثلا على القيام عن سريره أو لا يقدر على الحركة أو لبعد الماء وعدم وجود من يقرب الماء له فهو عادم للماء حكما وكذا إن خاف من استعماله فتسقط عنه الطهارة بالماء إلى بدلها وهو التيمم، والمرض سبب في إسقاط الجمعة والجماعة وإسقاط الصيام فيسقط الصيام أداء، ويجب عليه القضاء إذا شفي المريض من مرضه لقول الله تعالى "فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر" وقد يسقط المرض الصيام أداء وقضاء كمن مرض في رمضان واستمر به المرض بعد رمضان ولم يقدر على القضاء حتى مات في قول كافة أهل العلم, قال البغوي, رحمه الله, في شرح السنة "واتفق عامة أهل العلم على أنه إذا أفطر بعذر سفر أو مرض ثم لم يفرط في القضاء بأن دام عذره بعد رمضان حتى مات أنه لا شيء عليه" أ. هـ ولأن الله قال: "فعدة من أيام أخر.." والمعذر لم يدرك هذه العدة التي يستطيع فيها القضاء والمرض أيضا مسقط للحج والجهاد مما سيأتي تفصيله في حينه إن شاء الله.