الأسباب العامة لعموم البلوى (2)

السبب الثالث: شيوع الشيء وانتشاره، فإن الأمر إذا شاع بين الناس وانتشر حتى شق التحرز عنه فإنه مما تعم به البلوى كمخالطة الهرة بالناس وكتعليم القرآن والأذان والإمامة قل من يتطوع بها ويتفرغ لها إلا إذا فرض له أجر للمحافظة على القيام بها, وكذا قد شاع وانتشر استخدام التجار للدفاتر في إثبات حقوقهم فلو لم تعتبر تلك الدفاتر حجة في إثبات الديون لشق ذلك على التجار مشقة عظيمة إذ سيؤدي إلى ضياع حقوقه وكذا حين ظهرت السرقات وانتشر الفساد أمر بإغلاق المساجد في غير أوقات الصلوات محافظة عليها وصونا لها حتى ولو قيل إنها أماكن عبادة فكيف تغلق والعبادة ليست محددة بوقت بل إن البقاء في المسجد من المرابطة في سبيل الله وانتظار الصلاة, بعد الصلاة من أعظم نوافل العبادات إلا أنه ينبغي تقدير مثل هذه الأمور إذ الإغلاق لعلة فإذا زالت العلة لبقاء من يوثق به في المسجد زال الحكم تبعا.
السبب الرابع من الأسباب العامة لعموم البلوى:
كثرة الشيء وطول زمنه كالنفاس فإنه مما يطول زمنه ويكثر وقوعه ولو كلفت المرأة بقضاء ما فاتها من الصلوات زمن نفاسها لشق عليها وكذا المستحاضة وهي من استمر معها الدم ولم ينقطع فإنه مما يمتد ويطول أحيانا لسنوات وهي مأمورة بالصلاة والصيام وسائر العبادات إلا أنها تؤخر بالوضوء لكل صلاة ويقاس عليها من حدثه دائم لا ينقطع كمن به سلس بول أو ريح يخرج منه ريح مستمر كالمرضى بالقولون ونحوهم، وكذا الإحصار في الحج قد يمتد زمنه ولو كلف المحرم بالبقاء على إحرامه لتضرر لذا جاز له التحلل من الحج إن كان اشترط عند الإحرام وهي من يمنع من إكمال مناسك الحج حقيقة أو حكما كالمرض ونحوه أو يتحلل بدم لقول الله تعالى "فإن احصرتم فما استيسر من الهدي".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي