الصلاة في أي مكان

ومن سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: الصلاة حيث كان, وفي أي مكان اتفق, سوى ما نهى عنه من المقبرة والحمام وأعطان الإبل, فصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا, فحيثما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فليصل" (1) وكان يصلى في مرابض الغنم, وأمر بذلك, ولم يشترط حائلا.
قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إباحة الصلاة في مرابض الغنم, إلا الشافعي. فإنه قال: أكره ذلك, إلا إذا كان سليما من أبعارها.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "صلوا في مرابض الغنم, ولا تصلوا في أعطان الإبل" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وروى الإمام أحمد من حديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل, أو مبارك الإبل".
وفي المسند أيضا, من حديث عبد الله بن المغفل قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل, فإنها خلقت من الشياطين".
وفي الباب عن جابر بن سمرة, والبراء بن عازب, وأسيد بن الحضير وذي الغرة, كلهم رووا عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم "صلوا في مرابض الغنم" (2). وفي بعض ألفاظ الحديث "صلوا في مرابض الغنم, فإن فيها بركة".
وقال "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" رواه أهل السنن كلهم, إلا النسائي.
فأين هذا الهدي من فعل من لا يصلى إلا على سجادة تفرش فوق البساط فوق الحصير, ويضع عليها السجادة, ولا يمشي على الحصير ولا على البساط, بل يمشي عليها نقرا كالعصفور؟ فما أحق هؤلاء بقول ابن مسعود "لأنتم أهدى من أصحاب محمد أو أنتم على شعبة ضلالة"(3).
وقد صلى النبي عليه الصلاة والسلام على حصير قد أسود من طول ما لبس, فنضح له بالماء وصلى عليه, ولم يفرش له فوقه سجادة ولا منديل (4), وكان يسجد على التراب تارة, وعلى الحصى تارة, وفي الطين تارة, حتى يرى أثره على جبهته وأنفه.
وقال ابن عمر "كانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول في المسجد, ولم يكونوا يرشون شيئا من ذلك" رواه البخاري, ولم يقل "وتبول" وهو عند أبي داود بإسناد صحيح بهذه الزيادة.
(1) رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر.
(2) ورواه أيضا الإمام أحمد وابن ماجه.
(3) ذكر ذلك ابن مسعود رضي الله عنه في القوم الذين تحلقوا في المسجد في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصى فيقول كبروا مائة فيكبرون مائة, فيقول هللوا مائة فيهللون مائة. ويقول سبحوا مائة فيسبحون مائة ـ الحديث رواه الدارمي (ج 1 من 68).
(4) روى ذلك البخاري ومسلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي