أكل الثوم والبصل والكراث (2)

<a href="mailto:[email protected]">d_almakdob@hotmail.com</a>

إن الكراهة لا تقصر على المساجد فقط بل تشمل حضور الجماعة ولو لم تكن في مسجد كمصلى العيد والجنازة ومكان الوليمة ومجامع الذكر والعلم بل ألحق بعض العلماء الأسواق، لأن العلة تأذي بني آدم. وقصر ابن حزم رحمه الله النهي على المساجد دون غيرها، لأن النص لم يأت إلا فيها، والأولى أن يقال: إن النهي في المساجد أشد من غيرها، وذلك لتأذي الملائكة وإيذاء المصلين واشتغالهم عن الخشوع في صلاتهم والله تعالى أعلم.
ثم إنه إذا علم أن علة إسقاط الجمعة والجماعة عمن أكل ثوما أو بصلا أو نحوهما وهي الأذى اللاحق بغيرهم وهي الرائحة الكريهة وهذه العلة لا تقصر على الأكل فحسب بل تتعدى إلى كل ما يؤذي الآخرين برائحته كمن به بخرا أو جرح منتن ومن أصيب بداء الجذام ونحوهم ممن ابتلوا بروائح كريهة ولا يقتصر السقوط على هؤلاء بل يتجاوزهم إلى أصحاب المهن ذات الرائحة الكريهة كالجزار والزيات ونحوهما بشرط عدم قدرتهم على إزالة الرائحة والتنظف قبل إقامة الصلاة. وذكر صاحب مواهب الجليل رحمه الله: أن سقوط الجمعة والجماعة عن أصحاب المهن ذات الروائح الكريهة بألا يجدوا موضعا يتميزون فيه أما لو وجدوه بحيث لا يلحق ضررهم بالناس وجبت عليهم الجماعة لإمكان الجمع بين حق الله وحق الناس.
وقال ابن عبد النبر في التمهيد: إنه إذا كانت العلة في إخراج آكل الثوم من المسجد الأذى بالرائحة فيقاس عليه أن كل من يتأذى به جيرانه في المسجد بأن يكون سليط اللسان سفيها متطاولا على الآخرين فإذا أرادوا إخراجه عن المسجد وإبعاده عنهم كان ذلك لهم ما كانت العلة موجودة فيه وهي الإيذاء حتى تزول فإذا زالت بالعافية من مرضه أو بثبوته أو بأي وجه كان له مراجعة المسجد. أ.هـ قلت: ونتيجة هذا في زماننا ففي بعض المساجد من يتسلط أحد جماعتها على المصلين خصوصا إمام المسجد أو مؤذنه حتى حولوا المساجد أماكن لرفع الأصوات وإظهار الكلام بشتى الألفاظ التي تصان عنها مجالس الكرام فضلا عن بيوت الله قال ابن عبد البر: "وقد شاهدت شيخنا أبا عمر أحمد بن عبد الملك الأشبيلي أفتى في رجل تشكاه جيرانه وأثبتوا عليه أنه يؤذيهم في المسجد بلسانه ويده فأفتى بإخراجه من المسجد وإبعاده عنهم وألا يشهد معهم الصلاة واستدل بحديث الثوم وقال: إنه أشد منه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي