مشكلات العنوسة ما بين الطلاق والزواج من الخارج

[email protected]

يسعى الشيخ صالح التركي رئيس الغرفة التجارية في محافظة جدة على تفعيل المسؤولية الاجتماعية وتنفيذ توصيات وزارة الداخلية بالتعاون مع رئيس المحكمة العامة في محافظة جدة فضيلة الشيخ راشد الهزاع، وذلك من خلال تطوير عمل لجان إصلاح ذات البين في منطقة مكة المكرمة، وقد عُقد اجتماع الأسبوع الماضي في الغرفة التجارية مع فضيلة المشايخ وأعضاء المجلس ورجال الأعمال، وكانت النتائج إقرار المشروع ودعمه مادياً وأكاديميا من خلال تطوير القدرات البشرية بإنشاء "معهد للإصلاح"، وقد تفضل فضيلة الشيخ الهزاع بشرح كامل لأهداف المعهد وآثاره الإيجابية على المجتمع، وقدم دراسة جدوى اقتصادية للمعهد الذي يسعى إلى تخريج المتدربين الذين تكون لديهم الخبرة والقدرة على العرض والإقناع لمقابلة المتداعين، ويشمل المعهد أقساما لتدريب أعضاء اللجان في إصلاح ذات البين أو أقسام الصلح التي تختص بالإصلاح في القضايا الزوجية والأسرية بشرط اتحاد مكان المتداعين، وتنحصر في المرحلة الحالية في دعاوى طلب الطلاق وطلب الزيارة وطلب النفقة.
وأهمية هذا المعهد تتضح من خلال الكتيب الإحصائي الـ 30 الذي أصدرته وزارة العدل عام 1426هـ، وتبين الإحصائيات العامة أن مستوى الطلاق في السعودية في ارتفاع خطير، حيث تتقدم يوميا ما بين 45 و60 حالة طلاق بمعدل 19 ألف حالة سنويا مقابل 90 ألف حالة زواج, وتحتل منطقة مكة المكرمة النسبة الكبرى في حالات الطلاق بعدد 6255 قضية، والسبب يعود لكونها أكبر مركز حضري في السعودية، إضافة إلى أن المرأة المتعلمة لا تقبل بزوجة ثانية، تليها منطقة الرياض بـ 5971 قضية، ثم المنطقة الشرقية، ومنطقة جازان، ويتضح أن معدل الطلاق ارتفع من 25 في المائة إلى أكثر من 60 في المائة خلال السنتين الأخيرتين في العامين 1426/1427، وأن 43 في المائة من العلاقات الزوجية قائمة على الإهمال والعنف الأسري والقسوة، وأن 46.8 في المائة من المطلقين و46.5 في المائة من المطلقات تنحصر أعمارهن بين سن 25 و39 سنة، والأسباب الأساسية تعود إلى تدخل أهالي الزوجين، وكذلك الخلاف على راتب المرأة وعملها والفارق السني بين الزوجين.
لذلك فإن أهمية التوسع في افتتاح لجان إصلاح ذات البين وأقسام الصلح في مختلف أنحاء الوطن لحل الخلافات الزوجية والسيطرة عليها قبل أن تؤدي إلى الطلاق مهم جدا، والاهتمام بمعهد الإصلاح الذي يشرف عليه عدد من القضاة ومختصين أكاديميين في العلوم الاجتماعية وعلم النفس، إضافة إلى متطوعين من أئمة المساجد ومأذوني الأنكحة، سوف يعمل على الحد من ظاهرة الطلاق ويضع حلولا مناسبة للطرفين بدلا من الانفصال، ويعمل على توعية الأزواج من الآثار السلبية التي تشكلها ظاهرة الطلاق وإيضاح نتائجه الوخيمة على الأطفال الذين قد يتعرضون في حال انفصال والديهم إلى الانحراف والتأثر بالعديد من الظواهر السلبية.
حيث من الواضح أن المشكلة قد توسعت ولم تعد فقط في الطلاق، بل امتدت آثارها السلبية بتزايد ظاهرة العنوسة التي وصلت إلى مليون ونصف بين الفتيات واللاتي يفضلنها على دخول تجربة زوجية فاشلة، وأصبح للمشكلة الفرعية فروع، وبدأت نسبة الشباب الراغبين في الزواج من الخارج ترتفع أمام كبار السن، ولم تعد الضوابط النظامية التي وضعتها وزارة الداخلية تحد من انتشار الزواج من خارج السعودية، لأن المشكلة الأساسية ليست في النظام ومدى الالتزام بها، بل إن المشكلة اقتصادية أولا وأخيرا، حيث مهر العروس وحفلة الزواج من خارج السعودية لا يتجاوز عشرين ألف ريال، وإيجار المسكن والتأثيث نحو 30 ألف ريال، تصبح التكلفة الإجمالية 50 ألف ريال.
لذلك حذرت وزارة الداخلية من خطورة هذا الوضع قبل 24 عاما، بناء على برقية وزير الداخلية رقم 12/150/ ت بتاريخ 18/8/1404هـ الموجهة لسماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، التي تفيد أن "الداخلية" لاحظت ازدياد عدد المتقدمين من المواطنين بطلب الزواج من الأجنبيات، وببحث هذه الظاهرة مع إمارات المناطق والجهات المعنية في الوزارة تبين أن من أسبابها: غلاء المهور، الإسراف في الولائم، وإقامة الحفلات في الفنادق، التي تسببت في كثرة الفتيات العوانس الراغبات في الزواج، وأوصت اللجنة على تكثيف التوعية في هذا الشأن من قبل الجهات المختصة بواسطة جميع الوسائل الإعلامية كالصحف والإذاعة والتلفاز، ونشرها في مقاولات صحافية واستعراض المشكلات الاجتماعية وعمل مسلسلات وقصص تحكي سلامة الزواج من الداخل ومضار الزواج من الخارج، وتأثير ذلك في الفرد والأسرة والمجتمع، وما يترتب على ذلك عند انفصال الوالدين من مشكلات اجتماعية ومضار تلحق بالأولاد.
كما أوصت اللجنة بالتحذير من مظاهر الإسراف في الولائم والمهور وإقامة الحفلات في الفنادق باعتبارها عوائق تحد من تشجيع الزواج وتعمل على إحجام الشباب عن الزواج من الداخل وإبراز القدوة الطيبة من المواطنين الذين اجتنبوا هذه الظاهرة والإشادة بهم والإشارة إلى ذلك في وسائل الإعلام وعن طريق المرشدين ورجال الدعوة والإرشاد في وسائل الإعلام المختلفة.
ختاماً لدينا عادات وتقاليد صلبة، تضيف على أبنائنا أعباء اقتصادية واجتماعية، والجيل المقبل لن يهتم بالعقوبات التي حددتها وزارة الداخلية، التي تتمثل في محاكمة المتزوج تأديبياً لدى ديوان المظالم، عدم توثيق الزواج من قبل الجهات المختصة، عدم السماح بدخول الزوجة أو الزوج الأجنبي إلى السعودية، وإنهاء إقامتهما إذا كانا مقيمين داخلها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي