العزلة بحدود!
شكّلت قصة كريستوفر مكاندليس تربة خصبة للأعمال الفنية والأدبية، التي تناولت جوانب عدّة من شخصيته وحياته. وكريستوفر أو كما لقّب نفسه «الكيس سوبرترامب» هو رحالة أمريكي ومغامر انتقل بعدته وعتاده ليصبح الطريق منزله الأوحد!
كان هدفه من رحلته البقاء في عزلة تامة في منطقة ألاسكا، حيث لا شيء سوى البرية، لا بشر ولا اتصالات.
وتدرب قبل كلّ ذلك على سبل العيش وتحمل صعوبته تارة بتعلم الحرف اليدوية المناسبة أو بتعلم التسلّق في ولايات مختلفة.
السبب في هذه الظاهرة هي إصدار الكتاب الذي يحوي سيرته الذاتية، وذكر الأماكن التي مرّ بها خلال سفره للوصول إلى نقطة النهاية والباص المهجور الذي سكنه حتى موته جوعاً ( أو تسمماً ). ذلك المكان الذي تحوّل أخيراً إلى نقطة يقصدها السيّاح من أنحاء أمريكا والعالم.
لا شيء يميز تجربة كريستوفر سوى أنّها انطوت على مجازفة كبيرة غير مسبوقة، فالكثير من الأشخاص يتوجهون للطبيعة للعزلة والتواصل مع الكائنات الحية إما بدراستها أو تأملها وتسجيل كل ذلك ليعود بالفائدة على باقي البشر.
على الرغم من الصبغة البطولية لما حدث مع كريستوفر إلا أن الكثيرين أبدوا انتقادهم لتوجهه للقيام بهذه الرحلة بدون حمل خرائط أو بوصلة وهي من أهم الأدوات التي يحملها الرحالة.
كما يذكر أحد التحليلات أنه كان بمقدوره قطع النهر الذي جعل عودته مستحيلة لو أنه قام ببعض الأبحاث قبل رحلته، كريستوفر ببساطة كان يفتقر إلى توجيه طاقاته بالطريقة الصحيحة.
في سيرته أيضاً والمشاهد التي عرضتها الأفلام التي صورت حياته صورا من حياة شاب حانق على والديه والمجتمع ولم يجد حلاً لكل ذلك سوى حزم الأمتعة والانطلاق.
كانت ستكون رحلة مميزة وتجربة تؤرخ بصورة إيجابية لو أن مكاندليس اتبع طريقاً وسطاً مستعيناً بما تقدمه الحضارة من تقنيات وما تمنحه الطبيعة من صفاء وهدوء.