الأساس الكيماوي للعواطف الخوف والجرأة
أرسل لي الأخ أبو رتيمة من غزة يسأل عن الهورمونات المسؤولة عن الحب والخوف، وهل هناك من قاعدة كيماوية للعواطف؟ بل مضى في سؤاله إلى أبعد فهل هناك هورمونات مسؤولة عن الإيمان والكفر؟
وحسب المعلومات المتوافرة بين يدي فقد تم تحديد علاقة الحب والخوف بمواد كيماوية، إن زادت أثرت وإن خفت تراجعت العواطف، فأما الخوف فهو مرتبط بمادة اسمها ماو، إن زادت أصبحنا أكثر حذرا، وإن تدنت أصبحنا مجازفين أكثر، وينطبق هذا على الحب وعلاقته بخميرة سموها البيا!
أما الكفر والإيمان فهذا لا علاقة لها بخمائر وإنزيمات بل فكر وإرادة وقناعة وتضحية وهو ما يميز الإنسان.
ومن أعجب الاختبارات عن ميل الإنسان لركوب المخاطر واقتحام لجج المجهول، ما قام به الدكتور الكندي يو YO من أصل صيني، حينما اهتدى الى خميرة في الدم اسمها ماو MAO، لها علاقة بروح المجازفة واقتحام المخاطر؛ فهي تعمل مثل الفرامل داخل العضوية، فإذا ارتفعت أصبحنا أكثر حذرا، وإذا تدنت هجمنا بجسارة على المصاعب.
ومضى الدكتور يو أبعد في تجاربه فذهب إلى سجن في مدينة (ساسكواتشن) في وسط كندا، حيث يحتشد أعتى القتلة والمجرمين، وقام بفحص كمية الخميرة المذكورة في دمائهم؛ فلاحظ عجبا، فقد وجد الخميرة المذكورة متدنية في دمائهم عن الناس العاديين من أمثالنا.
وعندما سمع الطبيب الإسباني (فيرناندو جاليندو) هذا الخبر أثاره لفحص ذلك عند مصارعي الثيران، وتعرضهم للتوتر الأقصى في مواجهة ثور قاتل، فيقضي نحبه على قرني ثور هائج كل عام بعض منهم!
وكانت النتيجة صاعقة؛ إن كمية الخميرة في دم مصارعي الثيران، في حدودها السفلية تماماً عند القاع، تكاد تنضب من دمائهم وتجف! وكأنه لا يوجد فرامل تجاه الخوف.
ومن الغريب أن هذه الخميرة تتراوح في دمائنا من شخص لآخر منذ الولادة، وتزداد مع تقدم السن، كما تفيض فيضا في دماء النساء إلا قليلاً منهن، وهذا يعني أن أحدنا مع الكهولة يصبح أقل ميلا للمجازفة، كما أن النساء أبعد عن اقتحام المخاطر، ولعل الله غرسها في بيولوجيا النساء من اجل حفظ الجنين والحياة؛ ولذا فإن كل الذين يذبحون في ساحات الحرب هم من الذكور العدوانيين ومحبي المجازفات والمغامرات!
وقام بعض علماء النفس كما فعلت (جودي هوكس) من ساسكواتشن في كندا بدراسة النتيجة نفسها على امرأة تخاف من دخول السوبر ماركت والمحال العامة، وتبين وجود كمية كبيرة من الخميرة في دمها أوصلتها إلى حالة اللجم من الحركة بـ (الفوبيا) الخوف الهائل.
إن الله وضع فينا الميل للمخاطرة مثل وضع الملح في الطعام؛ فدون هذه الروح لا تتغير الحياة الإنسانية، ومع نقصها ننقلب إلى التهور المهلك، ومع زيادتها ننحصر في مثلث الرعب فنرزح تحت سلاسل الخوف.
كذلك فإن كل الحياة تقوم على المخاطر حتى لو هربنا منها، ففي أمريكا يموت كل سنة 300 إنسان حتف أنفهم في مغاطس الماء وهم يستحمون، ويموت أكثر من 2500 ممن سقط من درجة عتبة البيت أو السلالم حسب بعض الإحصائيات؛ فالعالم الذي نعيش فيه ليس مكاناً آمناً بحال، والموت أقرب لأحدنا من شراك نعله.
وفي أمريكا بقيت الصحافة لفترة تكتب عن موت الشابة (ليا بيتس) التي ماتت في ظروف غامضة حتى عرف المحققون أنها ماتت تسمماً بالماء بكل بساطة.
وأما الشاب (مارك دوغيت) من بريطانيا وعمره 24 سنة، فقد ذهب ليحتفل بعيد ميلاده الـ 24 فراهن مع من حوله من الشبان، عن استعداده لتجرع 24 كأسا من الشمبانيا، وفعلاً قام بدلق تلك الجرادل من الكحول في معدته، والشباب والبنات من حوله يصفقون له؛ فلما انتهى أكملها بكأس إضافي زيادة في التحدي والمتعة، ولكنه بعد أن خرج من الحانة تقيأ معظم ما شرب، أما البقية من الكحول فقد قضت عليه؛ فلم يرجع إلى أبويه قط، وكانت الجنازة بانتظاره.
وصدقت عليه الآية؛ فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون.