أخرجوا الآثار من حفرة الآثار!

العبارة التي عنونت بها هذا المقال ليست شعاراً لحملة شعبية جديدة, بل هي العبارة الأثيرة التي يرددها باستمرار الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار, محفزاً بها فريق العمل في الهيئة على إخراج الآثار إلى النور عن طريق توفير البيئة الجيدة لاستثمارها سياحياً, وتعريف الناس بها وبقيمتها بشكل ينفض الغبار عن تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها العظيمة ويسهم في تنمية هذا القطاع المهم ويوفر مئات الفرص الوظيفية للمواطنين فيه. أكتب هذه الكلمات بعد أن اطلعت عن قرب مع الزملاء في ''الاقتصادية'' على الجهود الجبارة التي تقوم بها الهيئة العام للسياحة والآثار بقيادة ربانها الذي وضع المعادلة السياحية السعودية في إطارها الصحيح عبر التخطيط الاستراتيجي والإنجازات الكبيرة المتسارعة على أرض الواقع, فمن كان يتوقع أن تستثمر هذه الصحراء سياحياً بكل هذه الاحترافية ليصل حجم الاستثمارات السياحية عام 2007م إلى ما يقارب 30 مليار ريال ؟ هذا ونحن مازلنا أمام ''كنز من كنوز الدنيا لم يستكشف بعد'' كما سبق أن صرح الأمير سلطان بن سلمان.
لا أخفيكم أنني كنت حتى وقت قريب أربط كالكثير من المواطنين بين مصطلح السياحة في السعودية وزيارة المرتفعات الطبيعية في المنطقة الجنوبية, وهو ربط أجزم أن الكثير من السعوديين مازالوا يقومون به كلما أرادوا التحدث عن السياحة في وطنهم, لكن السنوات الأخيرة التي حفلت بجهود الهيئة العامة للسياحة والآثار أكدت لي أن النظرة النمطية للسياحة الداخلية بدأت تتلاشى, فكل بقعة في هذا الوطن اليوم مؤهلة بفضل الخطط التطويرية التي تضعها الهيئة لأن تصبح مشروعاً سياحياً جاذباً للسياح من داخل الوطن وخارجه. وعود على الآثار واستثمارها سياحياً لابد أن ندرك أن السعودية تعج بالمواقع الأثرية التي تنافس أهم قريناتها في العالم, أما على المستوى الإقليمي فمدائن صالح مثلاً لا تقل بأي حال من الأحوال في قيمتها التاريخية عن آثار البتراء في الأردن التي تجذب السياح من جميع أنحاء العالم حتى أن دخل دولة الاردن من السياحة فقط بلغ 800 مليون دولار خلال النصف الأول من العام الماضي بحسب تصريح نشرته صحيفة الشرق الأوسط لوزيرة السياحة والآثار الأردنية مها الخطيب, كما أن هناك توجهاً عالمياً لاستكشاف المواقع الأثرية في السعودية التي مازالت غامضة بالنسبة للمهتمين بهذا الشأن في مختلف أنحاء العالم بعكس الدول المجاورة التي ظلت لعقود طويلة ماضية مسرحاً للحفريات والتنقيب عن الآثار.
إن تحويل عبارة الأمير سلطان بن سلمان إلى واقع ملموس هو كل ما تحتاج إليه السياحة السعودية حالياً, وأنا أجزم أن هناك نقلة نوعية كبيرة تنتظر القطاع السياحي الوطني في ظل هذا الفكر الذي يقوده برؤية استراتيجية سنجني ثمارها قريباً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي