الأطفال الحزانى في بريطانيا
أن تجتمع الرفاهية مع الكآبة، والمال مع التعاسة، والانتحار مع الترف شيء مذهل، أليس كذلك؟
هذا ما دشنته بريطانيا حديثا في تتابع عشرات الشباب إلى الموت انتحارا بأيديهم بحبال يصنعونها ثم يتدلون منها إلى الموت! بل اليابان التي ضربت الأرقام القياسية في التسابق للموت بدون علة ومرض؟
لقد أخبرتني ابنتي عفراء أن ابن صديقتها كريس في كندا أراد الانتحار!! قلت لها الحل بسيط أنزليه إلى إحدى جمهوريات الشرق الأوسط يركب السرافيس، ويلتهم الغبار، ويصف على الدور، في الشمس الحارقة، ويأكل رفسة أو رفستين في الطوابير، ويزدرد الحمص بخبز المرقد المغشوش. صدقيني أنه سيطيب ويتعافى من الكآبة إلى الأبد.. وأعرف شخصا كان مصابا بالإسهال الشديد فلما دخل حفلات التحقيق في كركون الشيخ حسن بجنب مقبرة الدحداح حيث الأموات الأحياء يتبادلون السلام؛ قال لقد تحسنت وتعافيت وزال الإسهال من حياتي.
وأمام ظاهرة انتحار الشباب قريبا من كارديف في بريطانيا فقد احتشد كثير من المهتمين والباحثين ومراسلي الصحف ورجال الدين وعلماء النفس والاقتصاد ومحرري الصحف ومصوري الإذاعات من كل أنحاء العالم، لفهم هذه لظاهرة الثلاثية المحيرة: الموت انتحارا! والانتحار عند شباب يستقبلون لتوهم الحياة في ربيع العمر! والانتحار شنقا على نحو تسلسلي؟
كان أصغر الأموات بعمر 15 ربيعا وأكبرهم 27 سنة، والكل ماتوا بنفس بالطريقة نفسها شنقا وخنقا وبين ذويهم، معلقين على جذوع الأشجار وأعمدة الاصطبلات، ودون ورقة وداع؟
فهل السبب البطالة؟ الكحول؟ المخدرات؟ الملل؟ الوحدة؟ أو الكل في خلطة من مجموعة عناصر متفجرة؟ وما دور الإنترنت وصفحات المواقع؟ حيث يصرح الشباب عن أنفسهم؟ ولماذا يقتل معظمهم أنفسهم في بيوتهم؟ قريبا جدا من أبويهم؟ ولماذا كان للموت عندهم كل هذه الجاذبية؟
في البدء كانوا ذكورا، بدون استثناء! بعمر 17 و19 عاما، ونادرا ما تجاوزوا 22 سنة، وبقي التواتر على هذا المعدل مدة سنة كاملة، وعرف عن البعض منهم صداقات مفككة، معزولين في المراقص، أو على الغالب متوحدين مع الإنترنت.
كانت الضحية الأولى دال كرول وعثر على جثته مع مطلع عام 2007م في مخزن للبضائع، معلقا نفسه بجبل مجدول بعناية.
وفي 18 شباط (فبراير) من العام نفسه لحقه صديقه ديفيد ديلنج ، ثم جاء دور توماس ديفيس الثالث، وكان صديقا للاثنين الأولين مما دفع أمه إلى أن تترجاه وهي تقرأ في عينيه نفس المصير؟
قالت له: يا بني لا تفجعني بك ولا تفعل بنفسك ذلك! قل لي إنك لن تفعل بنفسك هكذا؟
أجابها ابنها: اطمئني يا أماه لن أسبب لك الألم مطلقا!
وبعد يومين عثر عليه معلقا نفسه بحبل إلى شجرة في منتزه!
أما التسعة الذين لحقوا بهم إلى جنازة الموت؛ فكان للبعض دافع أو اعتبر كذلك؛ مثل انفصال صديقة، شجار مع البوليس، الوحدة.
وكل من ودع لم يترك خلفه رسالة وداع تشرح دوافعه للاستقالة من الحياة؟
أو ببساطة لم يعرفوا من أي شيء يودعون أنفسهم وإلى أين هم ماضون؟
ثم بدأت صفحة الفتيات فاستفتحتها ناتاشا راندل 17 ربيعا، حيث شنقت نفسها في 17 كانون الثاني (يناير) 2008م، وكانت الفتاة الأولى في سلسلة الضحايا من البنات، وبالنسبة لموقعها فقد دخل عليه 16 ألف زائر عليه، يريدون فهم الدوافع خلف توديع الحياة الجميلة لفتاة شابة مليئة بالحياة والنضارة إلى المقابر والبلى والعدم؟
بعد ناتاشا شنقت أربع فتيات أنفسهن، في فترة قصيرة، أما ليه Leah وعمرها 15 ربيعا وروزانا صديقتها، حين ذهبتا لعزاء ودفن ناتاشا قالت ليه: بالموت لفتت النظر إليها؟ وهو ما يجب أن أفعله!
وفي وقت لاحق انتبه الناس للفتاتين، حيث قامتا بتعليق نفسيهما بشريط تلفون موبايل، ولكن يبدو أن ملك الموت كان له موعد مختلف معهما فسارع الناس لإنقاذهما حتى حين؟