الدرع الذي يحمينا

منذ زمن بعيد وأنا أفكر في طبقات الأرض والسماء، وفي يوم وقع تحت يدي بحث عن طبقات السماء التي تظلنا، فذهلت من المعلومات، وبدأت كعادتي أحفر وأنحت في المعلومات لاستيعابها كما درست مواد الطب وقوانين الشريعة.
وعرفت من الآية «وجعلنا السماء سقفا محفوظا» أنه لم يخطر في بال أي مفسر أن السماء التي تعلونا تحوي طبقتين حافظتين من غاز الأوزون والإيونوسفير.
والسبب هو تطور علم الأنواء الجوية.
واستفدت أنا من مجلة الطيران المدني السعودية حيث أنارتني المقالة التي كتبها عبد المحسن محمود ربه عن الملامح الرئيسة للغلاف الجوي.
وكنت أظن أننا عندما نصعد للأعلى تنزل درجة الحرارة دون توقف ثم انتبهت أنها كذلك في الطبقة الأولى من خمس طبقات؛ فالغلاف الجوي الذي نعيش فيه لا يزيد عن طبقة رقيقة في حدود عشرة كيلومترات، وهي التي يحدث فيها كل التظاهرات البيئية من البرق والرعد والمطر والرياح، وهذه إذا صعد فيها الإنسان تعرض لأمرين ذكرهما القرآن: نقص الأكسجين بالارتفاع. «فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصّعد في السماء».
والثانية هي نزول درجة الحرارة ربما حتى خمسين تحت الصفر، ويحدث ذلك ضمن طبقة التروبوسفير.
والسبب أن فوقها مباشرة مظلة من غاز الأوزون الذي هو نفس غاز الأكسجين الذي نتنفسه، ولكن الجزيء منه يلتحم من ثلاث ذرات وليس ذرتين؛ فالكون لا يوجد فيه عزوبة والذرات لا تعيش وحدها مثل القطط، بل تعيش حياة عائلية زوجية.
وفي غاز الأوزون بدل الإثنين ثلاثة في العائلة الواحدة.
وطبقة الأوزون تمتد بارتفاع بين 19 و23 كم، وأقلها عند خط الاستواء وأكثرها عند القطبين خاصة الجنوبي، وهي تحمي البشر من سرطانات الجلد، بسبب حجزها الأشعة فوق البنفسجية.
وما نسمع عن ثقب الأوزون هو تدمير هذه الطبقة بسبب حماقة الدول الصناعية التي تنتج من أجل الإنتاج أكثر من الاستهلاك والحاجة.
وهم بذلك يدمرون البيئة مرتين باستهلاكها وبتوسيخها بالنفايات، ومنها تدمير طبقة الأوزون.
وهكذا فنحن تظللنا الغازات طبقا عن طبق.
وإذا صعدنا فوق الأوزون وجدنا طبقة الاستراتوسفير حتى خمسين كيلومترا، حيث تصعد درجة الحرارة؛ فإذا ارتفعنا أكثر حتى مائة كيلومتر وهي طبقة الميزوسفير، نزلت درجة الحرارة من جديد بسبب طبقة والإيونوسفير، التي تعلوها، وهي الغلاف الثاني الذي يحمي الكرة الأرضية لمسافة 500 كم، وهو يحميها من الأشعة ذات الموجات القصيرة والقاتلة.
وهي موجات لو وصلت إلى الكرة الأرضية لاحترقت!!
بمعنى أن السقف المحفوظ هو اثنان وليس واحدا. وعلى ارتفاع تسعين كيلومترا قد تنزل درجة الحرارة حتى ثماني تحت الصفر. ولكن الدخول بعد ذلك في الطبقة الخامسة الإكسوسفير حتى ألف كيلومتر، يرفع درجة الحرارة دون توقف للاقتراب من الشمس.
إن حماية الأرض ليس فقط من هذه الطبقات الغازية بل من كتلة مريعة من النيكل والحديد تدور في باطن الأرض كأنها دينمو السيارة، ومن هذا الدوار الشديد تتولد تيارات كهرطيسية تنطلق من باطن الأرض لتغلفها، وفي اتجاه تدور فيه من الشمال للجنوب، تعرفه البوصلات تماما، ولكن هذا الاتجاه غير ثابت؛ فهو يتبدل كل ثمانين ألف سنة.!!
والكرة الأرضية الآن مهددة بتحول اتجاه الريح الكهرطيسية، فيصبح القطب المغناطيسي جنوب شمال! مما سيقلب وضع الحياة على الأرض في مدى القرون المقبلة.
وهناك من يتوقع قدومها بسرعة، والشيء الأهم أن هذا التحول من الشمال إلى الجنوب، وانقلابه إلى جنوب شمال يستغرق آلاف السنوات، وعلى مناخ الأرض التكيف مع هذا التحول الدرامي، وهذا يقول كم هي هشاشة الحياة؟
وأتعجب أنا من قتل البشر بعضهم بعضا، وهم على ظهر سفينة كونية تمخر عباب الزمن اللانهائي، كمن يسافر على ظهر سفينة، فيقوم الناس فيتشاجرون بالخناجر و»الطبنجات»، والسفينة ماضية باتجاه الصخور المرجانية!!
أليس الجنس البشري مجنوناً؟
وسبحان من خلق فسوى وقدر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاء أحوى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي