منه وإليه
بما أننا مازلنا نعيش أجواء الصيف وموسم السفر، وحيث تعود كثير منا على اختيار وجهة سفره بناء على آراء الآخرين, والناس كما نعلم أذواق، لذا قد يصدم الشخص ويفاجأ عند الوصول إلى وجهته التي حددها بناء على آراء الآخرين بأشياء لم يكن يتوقعها. وبخلاف ذلك نجد فئة من الناس تخطط وتبحث قبل موسم الإجازات بوقت كاف. وما دعاني لهذا الحديث ما شاهدته من روعة بعض الأماكن في العالم ومنها تلك الشواطئ ذات الألوان الساحرة التي تمنيت أن يكون في مساحة المقال متسع للصور لنتمتع وإياكم بإبداع الخالق، فكل شاطئ منها يتميز بلون ساحر جذاب, فهناك الشواطئ ذات اللون الأسود في عدد من البلدان وأشهرها وأكثرها زيارة شاطئ بيونالو punalu`u في هاواي ومصدر هذا اللون الحمم البركانيه الملتهبة وعند التقائها بالمحيط تبرد وتعطي اللون الأسود الجذاب ويحذرون من أخذ هذه الرمال للمنزل لأنها «قد تجلب لعنة البركان». أما الشواطئ الناتجة عن الحمم غير كاملة الاحتراق التي تكون كريستالات خضراء قرب قمة البركان ثم تسقط على الأرض مانحة رمال الشاطئ لونا أخضر فتانا ويوجد شاطئان أخضران في العالم أحدهما شاطئ باباكوليا Papakolea في هاواي.
وشاطئ هيامس في جنوب والس الجديدة Wales في أستراليا يرتدي الناس النظارات الشمسية ليس من أجل الشمس ولكن لشدة بياض رماله ودخل موسوعة جنيس كأبيض شاطئ في العالم. أما في المرتفعات القريبة من شاطئ بفيفرPfeiffer في كاليفورنيا, الغنية بالمنجنيز الأحمر وبهطول الأمطار تكتسب رمال الشاطئ تموجات خلابة بين البنفسجي والوردي مشكلة لوحة فنية بديعة, والشاطئ الذي لن تجد له مثيلا في العالم بلونه الأحمر القاني هو شاطئ كاهالولو Kaihalulu في جزيرة ماوي.
ولا تقتصر فائدة الرمال على جمال منظرها وإنما تستخدم في علاج بعض الأمراض، فالتراب الذي خلقنا منه له خصائص مذهلة فملء ملعقة شاي تراب تحتوي على عدد من الكائنات الحية يفوق سكان الأرض، فلولا هذه المادة التي تأتي أهميتها بعد الماء لما كان هناك حياة على وجه الأرض, وكثيرا ما ننهى أبناءنا عن الاقتراب من التراب حتى لا يتسخوا وما علمنا أن هذا التراب له قدرة عالية في القضاء على الجراثيم التي تعجز عنها المواد الكيماوية.
يقول الدكتور Haydel أحد علماء الأحياء الدقيقة، الآن يمكننا أن نجد علاقة بين علم الأرض والخلايا الحية، فقبل سنة فقط كنتُ أنظر إلى التراب على أنه مادة وسخة! ولكنني اليوم أنظر إليه كمادة مطهِّرة!
وقد وجد باحثون أن بعض أنواع التربة الموجودة في جنوب إفريقيا تعيش فيها بكتيريا تنتج مضادات حيوية تستطيع قتل الجراثيم التي تعجز عن قتلها المضادات العادية، هذا الاكتشاف نشرته مجلة «العالم الجديد» عام 2006. ويقول الباحث Jun Wang في مختبرات Merck Research في نيوجرسي، الذي قدم هذا الاكتشاف: لقد ظهرت فرصة جديدة الآن من أجل إنتاج مضادات حيوية من التراب! فالإنسان خُلق من تراب، وسيعود إلى التراب.