سلمت يا أمير الأمانة والنُبل والإخلاص

إن ما تعرض له الأمير محمد بن نايف مساء الخميس الماضي قد آلمنا جميعاً، ذلك أنه ليس اعتداء على سموه فحسب، بل إنه اعتداء على الوطن بأكمله وعلينا جميعاً، إنه اعتداء على آبائنا وعلى أبنائنا رجالاً ونساءً شيباً وشباباً، إنه اعتداء على ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، كما هو اعتداء على مكتسباتنا ومقدراتنا وإنجازاتنا، بل إنه دعوة صريحة إلى القتل والفوضى والدمار من قبل فئة ضالة لا تعرف ديناً ولا قيماً ولا إنسانية.
إن ما حدث هو ناقوس إنذار لنا جميعاً، ويجب أن يزيد من تلاحمنا مع قيادتنا ووقوفنا بجانبها وتقديم أقصى ما يمكن تقديمه لوطننا، وأن يكون دافعاً لتماسك نسيج وحدتنا الوطنية، ومن قوة إصرارنا وصلابة عزيمتنا في محاربة التزمت والغلو والتطرف والانغلاق وقوى الظلام التي هي لبنة ونواة الإرهاب والقتل والسفك والسحل والتدمير.
وعلى الرغم من أن الإرهاب هو أصعب تحديات وأخطر تداعيات القرن الحادي والعشرين، فقد تحمّل الأمير محمد بن نايف منذ عقد من الزمان, بكل جدارة وبراعة, مسؤولية ملف محاربة الإرهاب، رغم أنه من أكثر وأكبر الملفات تشابكاً وتعقيداً، كيف لا وهو قد تعلّم في مدرسة، بل جامعة والده الأمير نايف ـ حفظه الله ـ الحكمة والحزم والعزم والرؤية الثاقبة وبُعد النظر، ونجح الأمير ـ حماه الله ـ بكل براعة وعلى أعلى مستويات المعايير الدولية في مهمته وبشكل غير مسبوق، فالمملكة دولة كبيرة في حجمها وأهميتها، فهي ليست دولة من دول الموز أو غيرها، مساحتها كبيرة في حجم قارة، وقد شكلت عوامل التاريخ والجغرافيا والموقع والموارد أهميتها كدولة فاعلة في المنطقة والعالم بأسره، منافذها عديدة وكبيرة، يقصدها الناس على مدار العام من كل فجاج الكون باعتبارها مهوى أفئدة المسلمين وقبلتهم قاطبة لوجود الحرمين الشريفين فيها، فضلاً على أنها ذات ثقل سياسي واقتصادي كبير. لكل هذه الاعتبارات والمعايير فهي مستهدفة، واستهدافها ليست شعارات جوفاء تُردد، إنما هو ما يقوله أصحاب كهوف تورا بورا وعلى رأسهم منظرهم الكبير أسامة بن لادن وزمـرته، إنهم الخوارج الذين يحاربون النور والإصلاح والحياة. إنهم شرذمة لا تعرف ديناً ولا قيماً إنسانية، منهجهم القتل, ولغتهم العنف, ووسائلهم أجسادهم التي خلقها رب العباد لتُقدر ويُحافظ عليها بدلاً من أن تُستخدم سلاحاً لقتل الأبرياء وسفك دماء الآخرين. تلك هي اللغة الوحيدة التي يجيدونها، وهذا دليل على العجز واليأس والإفلاس، فالوطن وقيادته باقيان ـ بإذن الله، ولن يزيد هذا الذي حدث إلا من الإصرار على اجتثاث الفئات الضالة كما ذكر سموه مساء الخميس الماضي.
عمل الأمير وما زال يعمل بصمت وبعيداً عن الأضواء لأنه في غنى عن البحث عن أي مجد شخصي، واضعاً نصب عينيه خدمة دينه ووطنه ومليكه، قدّم وما زال يقدّم ـ وبإذن الله سيظل كذلك - الغالي والنفيس ليلاً ونهاراً، بكل الحزم والقوة مع كل العدل والرحمة، حيث يعلم أن الحكم أمانة ومسؤولية، لذلك كرّس حياته لحماية وطنه ومكتسباته، وأصبح النجاح الذي حققته المملكة على الصعيد الأمني محل إعجاب وتقدير العالم كله.
نحمد الله على سلامة سموه ليستمر في إكمال مسيرته, إذ هو راعي مسيرة محاربة الإرهاب بمباركة ودعم من مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وتحت مظلة والده الأمير نايف ونائبه الأمير أحمد، وبمؤازرة كل جنودنا وأبطالنا البواسل العاملين في القطاع الأمني، وحمى الله هذا الوطن الأبي من كل شر وحفظ لنا ولاة أمرنا كافة وجميع أفراد هذا الشعب النبيل. وختاماً فالحمد لله على سلامة سموكم وأدامكم وأبقاكم المولى ـ عزّ وجلّ ـ ذخراً لحماية هذا الكيان الغالي، وقلوبنا ودعواتنا لكم دوماً وأبداً يا من تسهرون لحماية الوطن والمواطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي