الخطر الحقيقي .. الفجوة بين توقعات السوق والواقع الاقتصادي

قد تغري نتائج الربع الثاني للبنوك العالمية الرائدة المتابع العادي لافتراض قرب انتهاء الأزمة المالية. حيث استطاعت المؤسسات المالية التي أثقل كاهلها الأزمة - خاصة بعد انهيار ليمان بروزرز - التعافي بسرعة استثنائية. وتمكنت تلك المؤسسات من قيادة أحد أقوى التصاعدات في سوق الأسهم، حيث سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 المالي أداء متضاعفا خلال الربع الثاني. تنال البنوك الأكثر نجاحاً الإشادة بوصفها عمالقة النظام المالي الجديد، بل استطاع عدد من المؤسسات التي كانت تعد ضعيفة على تحقيق الأرباح. رغم ذلك، ومع أن الأسوأ قد تم تجنبه بشكل مؤكد تقريباً، يظل المستقبل غير مؤكد إلى حد كبير، على حد تعبير البنوك نفسها. إن أحد أعظم المخاطر في الوضع الحالي هو إسهام شعور التصاعد المستمر بالرضا، والذي بدوره سيؤخر الإصلاحات العاجلة المطلوبة لإعادة القطاع المالي إلى سابق سلامته المستدامة.
يشير الأداء المتباين لأسهم البنوك العالمية الرائدة، إلى انتهاء الجزء الأسوأ من الأزمة. ونتيجة لذلك تم تعديل التوقعات المستقبلية، وبصورة مفاجئة في بعض الحالات. وبات جلياً أن خطوات الدعم المكثفة التي تبنتها عديد من الحكومات في أحلك ساعات الأزمة أدت أهدافها بأكثر مما هو مطلوب. رغم ذلك، يبدو جلياً أن حقبة ما بعد انهيار ليمان بروزرز كانت استثنائية وتطلبت موقفا حكوميا قويا لتقوية ضعف الثقة في قطاع البنوك. بينما كان هنالك عدد ضئيل من بين 19 من المتلقين لبرنامج مساعدات الأصول المتعثرة في الولايات المتحدة في خطر حقيقي أمام الانهيار، ساعدت طبيعة البرنامج على عدم التمييز بين البنوك لتفادي تقسيمها إلى «سليمة» و»متعثرة» في أوقات حرجة. لكنها، أيضاً ساعدت المؤسسات الأكثر مرونة على الاعتماد على التمويل الحكومي لتعزيز قدراتها التنافسية. على نقيض ذلك، كان النهج في أوروبا موجهاً نحو المؤسسات على وجه التحديد. في النهاية، قامت الولايات المتحدة بتعديل وضعها عندما تم السماح لعدد من البنوك لتسوية أموال برنامج مساعدات الأصول المتعثرة، لتعزيز الشعور إلى حد ما.
يجب النظر إلى الأداء الأخير للبنوك باعتباره تطورا مقبولا. ليس لأنه يمهل البنوك مزيدا من الوقت لإعادة صياغة استراتيجياتها في بيئة أقل توتراً فحسب، بل لأنه يقلص إلى حد كبير مخاطر الاضطراب المعدية والمسببة للأزمة. على أي حال، إذا كانت الحالة عكس ذلك خاصة وأن الشعور العام بالانفراج قد قاد البنوك الضعيفة نسبياً إلى أن تمتطي موجة التفاؤل. رغم ذلك، يجب اعتبار الأخبار السارة من منظور أوسع لقطاع ضعيف لا يزال غير قادر على أداء مهامه الأساسية للوساطة المالية. علاوة على ذلك، فقد سبب الشعور التفاؤلي الزائد إشكاليات جديدة.
مواجهة الواقع: يكمن الخطر الحقيقي في بروز الفجوة بين توقعات السوق والواقع الاقتصادي الذي يواجه القطاع المالي. لا تفسر حقيقة تقلص المخاطر السلبية واستقرار الاقتصاد ككل مباشرة باعتبارها تعزيزا للقطاع المالي. على سبيل المثال، قد تبدو اختبارات الضغط التي تجريها حكومة الولايات المتحدة والتي تحدد دعم الحكومة للبنوك، مفرطة التفاؤل. وخاصة، تجاوزت معدلات البطالة كل التوقعات آنذاك، إلى جانب تراجع مستويات الدخل المتاح الذي كان يتمتع به المستهلك الأمريكي بمعدل لم يسبق له مثيل. ارتفعت البطالة خلال شهر حزيران (يونيو) إلى 9.5 في المائة وكما يتوقع أن تبلغ معدلات فقدان الوظائف معدلاً ذا رقمين خلال بقية العام. على النقيض، افترضت الحكومة في اختبارات الضغط التي أجرتها بلوغ البطالة إلى 8.8 في المائة خلال هذا العام و10.3 في المائة في عام 2010.
الأمر المجهول الآخر من وجهة نظر البنوك هو مستوى معدلات الفائدة. التزم صناع القرار في جميع بلدان الاقتصادات الغربية بشكل واضح على إبقاء الموقف الحالي القريب من الصفر للمستقبل المنظور. على النقيض، بدأ مستقبل معدلات الفائدة للأسواق يشير إلى احتمالات ارتفاع معدلات الفائدة في المستقبل القريب. وخاصة قد يصعب العجز المتزايد للاقتصادات الغربية الرائدة لوضع الحجم المتنامي للديون. في نفس الوقت، يتنامى ما يواجهه المشترون التقليديون لديون الحكومات الغربية نتيجة لتراجع الفوائض والقلق حول معيار المشتريات والشروط الخاصة بها. سيؤثر ارتفاع معدلات السوق تأثيراً بالغاً في عمليات البنوك. هذا إلى جانب أنها قد تعقد التعافي المستدام لأسعار المنازل.
أين كانت النقود؟ لا تشير مصادر البنوك إلى تحول أساسي في الاقتصاد. كانت البنوك الاستثمارية أكثر البنوك نجاحاً خلال النصف الأول من العام على خلاف البنوك المقرضة التقليدية. نجحت بعض البنوك الرائدة في تحقيق أرباح كنتيجة لبيع الأصول وإعادة التقييم. يشير ذلك إلى أن الأعمال التقليدية للوساطة المالية لم تتجاوز الأزمة بعد. من جانب آخر، لا يبدو جلياً فيما إذا كان بإمكان البنوك الاستثمارية مضاعفة أدائها على خلفية اقتصاد تتسم أساسياته بالتراجع و لقد أدى التفاؤل المتنامي أخيرا إلى ارتفاع أسعار الأصول. ثمة مصدر نجاح أساسي هو ازدياد الممارسات ذات الجدل الواسع للتداول السريع ذي التكرار المرتفع، والذي تتم دراسته من قبل السلطات التنظيمية. تكمن المخاطر التنظيمية بسبب الأنظمة المحكمة لرؤوس الأموال، واحتمالات القيود على المشتقات والجهود المبذولة حالياً لتعزيز حماية المستهلك.
نظرة مستقبلية: يبدو جلياً أن عددا من البنوك تواجه مشاكل مستمرة. ولقد فشل سلفاً أكثر من 50 من البنوك الأمريكية المحلية خلال هذا العام. من بين البنوك الكبرى، هنالك «بنوك عليلة» على أجهزة إنعاش، لكنها لا تستجيب للعلاج بطريقة تبعث الثقة حول مستقبلها على المدى البعيد. في بعض الحالات، قد يؤدي التوحيد الذي تدفع به الأزمة بين البنوك إلى إبعاد الإشكاليات قصيرة المدى، لكنه أيضا يسهم في نشوء مؤسسات تعتبر ضخمة من حيث حجم أعمالها.
على الرغم من مساعدة التصاعد الإيجابي، لا تزال مخاطر تبني الممارسات التجارية التي لا تسهم في استقرار مستدام للنظام قائمة. لكنها تبدو جذابة لأنها تقلص عدد المؤسسات التي تحتاج إلى دعم حكومي. يستطيع صناع القرار تبني مفهوم إصلاح القطاع لزيادة احتمالات رؤوس الأموال الخاصة أكثر من العامة لتكون مصدراً لإعادة استقرارها. في النهاية، قد لا تجد المؤسسات الضعيفة مستقبلا دون إعادة هيكلة جذرية على نحو نموذج البنك السليم والبنك المتعثر. علاوة على ذلك، سيظل عدد من البنوك التي تبدو أنها على أحسن حال ضعيفة وربما تكافح من أجل البقاء دون مساعدات إضافية. في الوقت الراهن لا يبدو جلياً فيما إذا كانت هنالك إرادة سياسية للمزيد من خطوات دعم الاقتصاد العالمي.
يبدو جليا أن البنوك لا تزال تلعب لعبة «اللحاق بتحديات الظروف الاقتصادية». بينما منحتهم التطورات خلال الأشهر القليلة الماضية مزيدا من الوقت، يبقى أن نرى إلى أي مدى سيتم إثبات ذلك باعتباره نعمة أكثر من كونه نقمة، مع التقليل من أهمية إعادة الهيكلة الذي كان من الواجب حصوله منذ فترة طويلة. في حالة أن الاستقرار النسبي غير كاف للقضاء على المشاكل الباقية، سيتحول موقف السياسة في بعض البلدان لصالح تمييز أقوى بين البنوك. رغم أن القلق حول مفهوم «مؤسسات ضخمة من حيث حجم أعمالها» سيظل عاملاً معقداً، هنالك تقدم في الاتجاه المعاكس بين البنوك أيضا التي تبيع أصولها للحفاظ على صافي أرباحها. في النهاية، لا بد من حد أكبر من التسامح نحو الفشل حتى يتسنى نهوض قطاع مصرفي سليم وتنافسي من جديد.

معلومات مهمة
يؤكد واضعو هذه الوثيقة أن الآراء المدرجة فيه هي فقط آراؤهم الشخصية فيما يتعلق بالسندات والشركات التي تدور حولها هذه الوثيقة، كما يشددون على أن هذه الوثيقة لا تتضمن أي معلومات قد تشكل مصدر فائدة لصالحهم الشخصي أو لصالح أي من أقربائهم أو أصدقائهم في الموضوعات قيد البحث فيها. الصناديق الاستثمارية التي تديرها شركة الأهلي كابيتال والشركات التابعة لها لصالح أطراف أخرى قد تكون مالكة لواحدة أو أكثر من السندات قيد البحث فيه هذه الوثيقة. قد تمتلك «الأهلي كابيتال» أو إحدى الشركات التابعة لها سندات في واحدة أو أكثر من الشركات السابقة الذكر أو صناديقها الاستثمارية أو الصناديق التي تديرها أطراف أخرى ورد ذكرها في الوثيقة. وإذ يشير واضعو هذه الوثيقة إلى أنهم قد يمتلكون سندات في صناديق استثمارية مفتوحة للجمهور العام وتستثمر في سندات ورد ذكرها في هذه الوثيقة كجزء من محفظة استثمارية متنوعة، فإنهم يؤكدون أنه ليست لديهم أدنى مصلحة في ذكرها. تحتفظ إدارة خدمات المصرفية الاستثمارية في شركة الأهلي كابيتال بحقها في تقاضي أو فرض مبلغ مالي على الشركات موضوع هذه الوثيقة أو التي ورد ذكرها فيها
تم إصدار هذه الوثيقة من قبل «الأهلي كابيتال» إلى الأفراد أو الجهات المعنية بموضوعها. المعلومات الواردة في هذه الوثيقة هي للاستخدام العام فقط، ويمنع إعادة إنتاجها أو توزيعها إلى أي شخص أو جهة أخرى. هذه الوثيقة ليست مادة دعائية لعرض أو شراء أو بيع أي نوع من أنواع السندات. هذه الوثيقة لا ترتبط بالاحتياجات الاستثمارية لقارئها أو المستفيد منها، ولا يقصد بها تناول غايات استثمارية محددة، أو مواقف مالية أو مخاطر أو أي احتياجات أخرى خاصة بأي فرد قد يتلقاها. تنصح «الأهلي كابيتال» كل مستثمر مستقبلي بالبحث عن الدعم القانوني والمحاسبي والمالي من قبل الجهات المختصة التي تساعده على اتخاذ القرارات الاستثمارية ذات العلاقة. النصائح الاستثمارية المدرجة في هذه الوثيقة تشمل الأخطار والعائدات المتوقعة. المعلومات والآراء المدرجة في هذه الوثيقة تم جمعها أو إيصالها من قبل «الأهلي كابيتال» من مصادر موثوقة، وبذلك فإن شركة الأهلي كابيتال غير مسؤولة عن محتويات الوثيقة وهذه المعلومات قد تكون موجزة أو غير كاملة. وبناء على ذلك، لن تقدم ضمانات أو تقبل شكاوى شفهية كانت أو مكتوبة حول مدى مصداقية أو دقة أو كمال أو صحة أي من المعلومات والآراء التي تحتويها هذه الوثيقة. حتى الحد الأقصى مما تقتضيه القوانين واللوائح التنظيمية المعمول بها لا تتحمل «الأهلي كابيتال» المسؤولية عن أي خسارة ناجمة عن استخدام هذه الوثيقة أو أي من محتوياتها أو عن أي حادث ذي علاقة. أي تغيرات مالية أو تغيرات في القيمة المتوقعة أو التصريحات المتعلقة بشأن الرؤية المستقبلية ضمن هذه الوثيقة يجب إدراكها وأخذها بعين الاعتبار. جميع الآراء والتقديرات التي تحتويها هذه الوثيقة تم طرحها من قبل شركة الأهلي كابيتال بناء على المعلومات والأوضاع الجارية على أرض الواقع في تاريخ نشرها وهي عرضة للتغيير دون سابق إنذار. أي أداء سابق لأي استثمار لا يعبر عن أي نتائج مستقبلية. قيمة السندات وعائداتها، وأسعار وعملات السندات عرضة للتغيير سواء بالسلب أو الإيجاب. قد يحصل المستثمر على عائدات تقل عن المبلغ الذي قام بالاستثمار به. إضافة إلى ذلك، قد تترتب على المستثمر في السندات أتعاب معينة. يمنع إعادة إنتاج أي جزء من هذه الوثيقة إلا بإذن خطي من شركة الأهلي كابيتال. يمنع نسخ أو توزيع هذه الوثيقة أو أي جزء منها في أي منطقة خارج المملكة العربية السعودية حيث تخضع إعادة توزيعها لقوانين المطبوعات والنشر. يجب على كل من تلقى هذه الوثيقة معرفة أي قيود مفروضة عليها والالتزام بها. بمجرد تسلم هذه الوثيقة يعتبر المستلم مصادقا تلقائياً على القيود والشروط السابق ذكرها.
شركة الأهلي كابيتال حاصلة على تصريح هيئة السوق المالية في المملكة العربية السعودية لممارسة أنشطة تداول السندات، بصفة أصيل ووكيل، وتغطيتها وإدارتها وترتيبها وتقديم خدمات الاستشارات والوصاية المتعلقة بها، وذلك بموجب رخصة رقم 37-06046. مقر شركة الأهلي كابيتال: الطابق 25 - برج الفيصلية، شارع الملك فهد، صندوق بريدي 22216 الرياض 11495 المملكة العربية السعودية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي