تفسير عدم إصابة البعض بإنفلونزا الخنازير !
عندما يتعرض أحدنا لمشكلة في محيطه سواء كانت اجتماعية أو عاطفية أو نفسية تجده يشتكي من وهن وضعف في جسمه كله أو يحس بصداع يكاد يفتك به أو لا يستطيع تحريك إحدى يديه أو تنتشر الحبوب في جسده أو يفقد القدرة على التنفس، وقد تستمر هذه الأعراض مخلفة وراءها أمراضا مزمنة قد لا يوجد لها علاج في الطب الحديث، كما أن بعض الناس قد يتعرض أكثر من غيره للكسور أو الحوادث أو الأمراض المعدية.
وكثير منا يزور أكثر من طبيب ويراجع أكثر من عيادة دون جدوى وعندما يمل يرجع ما يصيبه للعين والحسد ويبدأ رحلة أخرى مع الوهم يظل يفتش عن شيخ يقرأ عليه أو طبيب شعبي يجرب فيه خلطاته العجيبة والسحرية المفعول، ولو تأمل الإنسان في نفسه وتعلم كيف يصغي إلى جسده قبل أن يعطي أذنه للآخرين لتمكن من فهم أن ما أصابه هو نتيجة لانفعالات مكبوتة أو مهملة داخله، فلكل خلية من جسمك صوت تستطيع سماعه إذا أنصت فمن خلال هذا الحديث نستطيع فهم العلاقة التي تربط بين الحالة النفسية والحالة الصحية، أي العلاقة بين النفس والمشاعر والروح وخلايا الجسم المادي.فالإنسان لديه القدرة على فهم النظريات العلمية المعقدة واختراع الأجهزة الدقيقة وفهم الأحداث من حوله ويأتي عند جسده ويتوقف عن التأمل والتفكير، فمبدأ التأمل في أنفسنا وما حولنا حثنا عليه ديننا في كثير من الآيات، قال تعالى (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)، أجسامنا ليست آلات نزودها بالماء والغذاء فقط وعندما نمرض نلجأ لمعالجة الأثر الذي تركه المرض دون النظر في مسبباته والعلاقة بينه وبين نمط حياتنا ونظامنا الغذائي ووسطنا الاجتماعي وبيئتنا وانفعالاتنا، التي لها أثر كبير في مرضنا وكذلك قدرتنا على الشفاء من المرض ف 70% من المرضى الذين يزورون الأطباء شكواهم لها علاقة بالضغوط النفسية مثل الصداع النصفي، القولون العصبي والتعب المزمن والتي ليس لها علاج شاف في الطب الحديث.في الماضي البعيد كان الطبيب لا ينظر إلى الأعراض الجسدية فقط بل إلى المناخ والعرق والجنس وظروف المعيشة المختلفة حتى جاء العالم رينيه ديكارت بفرضيته أن كلا من العقل والجسد يعمل بشكل مستقل، وتبناها الطب الحديث مما خلق فراغا في علاقتنا بأجسامنا فكم من مريض خرج من عند الطبيب يشكو من عدم إنصات الطبيب له، وكم من مريض تناول عديدا من الأدوية دون أن يشعر بتحسن، من هنا جاءت أهمية نشأة علم جديد هو(علم المناعة النفسي العصبي)، الذي من خلاله نستطيع تفسير عدم إصابة بعضهم بالمرض عندما تأتي موجة من الإنفلونزا مثلا (كما يحدث الآن مع إنفلونزا الخنازير) وكذلك القدرة على الشفاء من الأمراض وذلك حسب انفعالاتنا العاطفية وحالتنا النفسية، التي نتعرف عليها من خلال حديثنا مع أجسامنا ولكي تتحدث مع جسدك يجب أن تتعلم لغة الجسد وإنشاء علاقة مع نفسك بحيث يصبح جسدك صديقا عزيزا وليس غريبا عنك، فهذا الحوار يمكننا من اكتشاف ما هو مكبوت ومهمل في نفسياتنا وانفعالاتنا وتأثيرها في أجسادنا، فكل شعور مكبوت ومهمل قد يتحول مع الوقت إلى مرض. وجد الباحثون في جامعة ألبرت أينشتاين للطب في بروكسل أن 31 ولدا من أصل 33 مصابين بسرطان الدم قد تعرضوا لخسارة شخص قريب أو أكثر سبب لهم صدمة خلال السنتين السابقتين لتشخيص المرض.
تتحدث أجسامنا من خلال الأعراض الجسدية التي تعطينا أشارة لما يحدث داخلنا فمثلا قد يدفعك إحساسك بثقل المسؤولية عليك وحاجتك للمساندة على شكل آلام في الظهر والمفاصل، وعند ما يتحدث الجسد علينا الإصغاء والذي له عدة طرق نستطيع تعلمها بالقراءة في هذا الموضوع وتدريب أنفسنا عليه ويحدث الشفاء عندما نعمل على نقاط ضعفنا بعدم كبت مشاعرنا والتخلي عن تلبية حاجات الآخرين قبل حاجاتنا والبعد عن الانشغال الدائم، الذي يحرمنا من الخلوة بأنفسنا والتركيز على الجوانب الروحية أكثر من المادية. ولكن كيف نفسر تأثير أفكارنا ومشاعرنا في أجسامنا؟
الحقيقة العلمية تقول إن أجسادنا عبارة عن مجموعة من المواد الكيميائية بحيث تترجم جميع أفكارنا ومشاعرنا إلى مواد كيميائية تنتشر في أنحاء الجسم وتغير التكوين الكيميائي للخلايا وتبدل سلوكها فمثلا يؤثر الشعور بالحزن في مجاري الدمع فتنتج الدموع ويؤدي الخوف والقلق إلى تسارع دقات القلب وهكذا، يقول ديباك شوبرا (أينما يذهب التفكير تذهب معه مادة كيميائية)، وهذه العمليات يفترض أنها مؤقتة ولكن استمرار الضغط النفسي يضعف جهاز المناعة ونصاب بالأمراض.