مدن وجامعات الملك عبد الله (2 من 2)
أشرت في المقال السابق إلى أني شعرت بالخوف من أن تتحول مجسمات الجامعات التي عرضتها وزارة التعليم العالي أمام الملك عبد الله في حفل المنطقة الشرقية عام 1429هـ، إلى مجسمات كرتونية ومشاريع ورقية وأن الوزير الدكتور خالد العنقري والدكتور علي العطية نائب وزير التعليم العالي دخلا في خندق مظلم .. لكن ما تحقق من تحويل حلم المدن الجامعية إلى واقع على الأرض يجعلنا نتوجه إلى وزارة التعليم العالي ونعيد طرح السؤال الذي تشكل لدى كثير من النخب المثقفة وهو: إذا كانت وزارة التعليم العالي تحولت إلى بيت خبرة كبير في مجال التصميم والهندسة والإشراف والتخطيط نتيجة عدد الطاقات والكفاءات العلمية الهندسية والفنية والتخطيطية لماذا لا تتولى المشاريع العملاقة في بلادنا.
إذا كانت وزارة التعليم العالي وكما جاء في اللقاء الصحافي في جريدة ''الجزيرة'' الأحد قبل الماضي مع الدكتور علي العطية نائب وزير التعليم العالي أن الوزارة خططت وصممت وأشرفت على البناء لمدن جامعية عملاقة في: جازان، الباحة، تبوك، حائل، الجوف، نجران، الحدود الشمالية، الخرج، المجمعة، شقراء، والدمام. أي أن الوزارة أنشأت نحو 12 مدينة بمواصفات المدن الحديثة يزيد سكانها على 50 ألف نسمة في حين أن المعيار الدولي للمدن ما زاد على خمسة آلاف نسمة، ومدننا الجامعية يزيد سكانها على 50 ألفا، وحسبما ذكره الدكتور علي العطية أن مدينة جازان الجامعية تقع على مساحة تسعة ملايين متر مربع، وتضم كليات ومدينة طبية إضافة إلى سكن لأعضاء هيئة التدريس وسكن للطلاب وصالة رياضية ومجمع خدمات مساندة وعدد طلابها 33.375 طالب وطالبة. وفي الباحة مساحتها سبعة ملايين متر مربع وتضم كليات ومدينة طبية وسكن لأعضاء هيئة التدريس والطلاب وعدد طلابها تجاوز 14 ألف طالب، وأيضا جامعة تبوك مساحتها تسعة ملايين متر مربع والجامعات الأخرى تسير في هذا السياق وهذه معطيات استيطانية تدلل على قيام مدن حضارية جديدة بتخطيط عمراني حديث لتحقق أهدافا تعليمية وسكانية ووظيفية وحضارية.
هذا العمق والجودة في إنشاء المدن الجامعية يؤهل وزارة التعليم العالي للدخول في المشاريع الضخمة الكبيرة بدلاً من حصر الوزارة في غاية من غايتها وقصرها على النواحي الأكاديمية دون الاستفادة منها في تبني المشاريع العملاقة مثل المواصلات: الطرق البرية والقطارات. وإعادة تأهيل المشاعر المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وحل مشكلات عضال في تحلية المياه المالحة وشبكة المياه العذبة وشبكات الصرف الصحي وتصريف مياه السيول ومشكلات الكهرباء التي أصبحت أزمة جديدة أطلت علينا هذا العام. وإعادة تأهيل المدن وتخطيطها وإعادة هندستها.
الالتفات إلى الإمكانات البشرية والأكاديمية والتقنية في وزارة التعليم العالي أصبحت ضرورة لاستثمار الطاقات البشرية ودعم المؤسسات العلمية والتنفيذية من أجل المرور إلى المرحلة الثالثة من مراحل التنمية العمرانية التي بدأت عام 1395هـ/1975م.